نساء

مركز الزوّار سنديانة، معًا ودوغري نت في لقاء خاصّ

" نساء عربيات تتحدّين الصّعاب"

سامية ناصر

على شرف الأوّل من أيّار يوم العمّال العالمي، اجتمعت عشرات النساء العربيات واليهوديات، ليلتقوا مع نساء عربيات كسرن الحواجز وخضن تجربة العمل في مركز الزوّار في كفر مندا التابع لجمعية سنديانة الجليل للتجارة العادلة. اضطرّت هؤلاء النساء لمواجهة الآراء المسبقة والعادات والتقاليد، وأحيانًا أخرى سيطرة المجتمع الأبوي، الذي لا يزال يؤمن أنّ مكان المرأة في البيت. ويتزامن هذا اللقاء مع خروج مئات آلاف النساء في العالم العربي إلى الميادين لتأكيد حضورهنّ وحقوقهنّ، يرفعن شعارات الديمقراطية والحرّية والعدالة الاجتماعية، ويحاربن العادات والتقاليد التي تضع أمامهنّ العراقيل في مسيرتهنّ لإثبات الذات والاستقلالية.

هناء شلعطة، جمعية منال

القوى الثلاث التي اجتمعت في هذا اليوم هي مثال حيّ لإمكانية وطريقة العمل من أجل رفع مكانة المرأة العربية ومحاربة الفقر والبطالة وتدنّي مكانة النساء في المجتمع، وبناء مجتمع بعيد عن العنصرية يتبنّى العمل المشترك بين نساء عربيات ويهوديات.

القوّة الأولى، جمعية سنديانة الجليل للتجارة العادلة، التي تقوم بتشغيل النساء مع كامل الحقوق، وتؤهّل النساء لكسب أجورهنّ من خلال صناعة السلال من القشّ في مركز الزوّار في كفر مندا. وقد رحّبت باسم الجمعية أوسنات شبيرلنغ، التي قالت بأنّ مركز الزوّار يفتح لنا جميعًا نافذة، عربًا ويهودًا، لنعمل ولنبني معًا مجتمعًا متطوّرًا".

سامية ناصر، نقابة معًأ

القوّة الثانية، دوغري نت موقع الإنترنت الجماهيري في الجليل، الذي يهدف إلى توفير منصّة للأصوات غير المسموعة في منطقة الجليل، والذي يبحث عن الشركاء الحقيقيين المستعدّين للعمل المشترك من أجل بناء مجتمع عادل ومتساوٍ. وقد رحّبت باسمه حدفا ليفنات.

والقوّة الثالثة، نقابة معًا، التي طوّرت مشروعًا فريدًا من نوعه يفتح المجال أمام النساء العربيات غير المؤهّلات للعمل في حقل الزراعة. كاتبة هذه السطور تحدّثت عن دور نقابة معًا في رفع مكانة النساء من خلال دمجهنّ في سوق العمل، وعقد لقاءات تدعيم وفعاليات من أجل دمجهنّ في الحياة الاجتماعية والسياسية.

نساء في محاربة السياسة والآراء المسبقة

كاملة موسي

هناك قصّة وراء كلّ مشاركة، تكون أحداثها متشابهة أحيانًا، وذات خاصية معيّنة في أحيان أخرى. النساء اللواتي أشركن الجمهور بتجاربهنّ المختلفة: وهيبة حجيرات من مركز الزوّار لجمعية سنديانة الجليل؛ وهناء شلاعطة، مديرة مشاريع في جمعية المنال لتدعيم ودمج ذوي الاحتياجات الخاصة؛ وكاملة موسى، ابنة دير الأسد، التي عرضت مشروع مطبخها الخاصّ.

وقد ناب عن عاملات الزراعة اللواتي لم يستطعن المشاركة بسبب عملهنّ، الفيلم "يومك الأخير"، من إنتاج وإخراج فيديو 48" للأفلام الوثائقية. يروي الفيلم قصّة عاملات الزراعة اللواتي يحاربن من خلال نقابة معًا لإيجاد مكان عمل منظّم وثابت، الأمر الذي يعتبر صعبًا في هذه الأيّام، حيث يخضن منافسة مع العمّال الأجانب الذين يعملون بشروط شبيهة بالعبودية، ولذلك لا يستطعن مجاراتهم، لا في ساعات العمل ولا في الأجر المنخفض.

حدفا ليفنات، دغري نت

وهيبة حجيرات، أولى المتحدّثات، حلمت بعد زواجها بأن تصبح معلّمة. وقد حضرت إلى مركز الزوّار لتكسر روتين حياتها وتتعلّم مهنة ليّ القش، تفوّقت وبرزت مواهبها، وها هي اليوم تحقّق حلمها، تعلّم نساءً عربيات ويهوديات مهنة وفنّ ليّ السلال، تربّي جيلاً جديدًا من صانعات السلال في المركز، بالإضافة إلى مسؤوليتها عن استضافة مجموعات الزوّار المختلفة من البلاد والخارج.

اوسنات شبرلينغ مع نشيطات مركز الزوار

وقد قالت وهيبة: "إنّ هدف النساء في المركز ليس فقط الربح المالي بل المعنوي والدعم وإثبات الذات أيضًا. مع كلّ سلّة تباع تشعر كلّ مشاركة بالسعادة لأنّها أنجزت شيئًا نال إعجاب الغير واقتناه، خاصّة وأنّ أهمّ دكّان لصناعة القشّ في البلاد يطلب أعمالها وأعمال زميلاتها. العلاقة التي تبنى يوميًا بين المشاركات، وبينهنّ وبين الطالبات اليهوديات، ومع زوّار من كلّ العالم، توفّر للمرأة فرصة سانحة للاطّلاع على العالم."

القصّة الأكثر إثارة، وبحقّ، كانت قصّة هناء شلاعطة، من جمعية المنال لدمج المعاقين في سوق العمل. هناء الضريرة، تغلّبت على إعاقتها، فقد حصلت على اللقب الجامعي الثاني، وتسعى اليوم إلى تطوير برامج تهدف لدمج المعاقين في العمل من خلال منحهم التدريب والدورات المناسبة. وقد تحدّثت هناء، ابنة ال31، عن التمييز الذي عانت منه بسبب إعاقتها، والذي تحوّل لاحقًا إلى مصدر قوّتها. تقول هناء: "أن تكون صاحب عاهة في مجتمعنا ليس بالأمر الهيّن، عانيت من الآراء المسبقة، فمن الصعب على الآخرين تقبّل ذوي الاحتياجات الخاصّة بسبب الخوف وعدم الوعي. المعاقون أنفسهم يخافون وينغلقون، ويجهلون كيفية إقناع غيرهم بقدراتهم. والمهمّة تصبح أصعب بكثير إذا كانت المعاقة امرأة، فمن الصعب إقناع الآخرين بتقبّلها، وكان عليّ أن اعمل جاهدة لكي أؤمن بنفسي ولأقنع الآخرين."

لخصّ المشاركون في النقاش بأنّ ثمّة أناسًا يبدون في بعض الأحيان أصحّاء ظاهريًا، لكنّهم يعانون من إعاقات نفسية، هناك شيء ما مكسور داخلهم يحولّهم إلى معاقين وعاجزين، مكسوري الجناح، وبالنقابل هناك معاقين يتحلّون بالإرادة والقوّة مما يجعلهم قادرين على تخطّي الصعاب.

وكانت أخيرة وليس آخرة كاملة موسي، ابنة دير الأسد، التي حاربت من أجل الخروج للعمل. بدأت عملها في النظافة، واليوم لها مطبخها الخاصّ. هناك نساء نجحن بسبب دعم الجمعيات لهنّ، وأخريات بسبب دعم العائلة، أمّا كاملة موسى فتلخّص قصّتها كلّ العقبات التي يضعها المجتمع أمام المرأة التي لم تتعلّم، لأنّ العائلة فضّلت تعليم البنين على البنات، "فمكان المرأة في المطبخ". وقد بذلت كاملة جهدًا لإقناع عائلتها بقبول خروجها للعمل حتّى نجحت. عملت أوّل الأمر بتنظيف غرف في كيبوتس توفال، ومن ثمّ انتقلت للعمل في المطبخ، ولا تزال تتذكّر أوّل راتب حصلت عليه، الذي بلغ 180 شيكل. وتقول كاملة: "عدت إلى البيت وأنا أمسك النقود بيدي، أردت أن يرى الآخرون بأنّ باستطاعتي أن أعمل وأكسب رزقي ككلّ الناس".

وقد خيّم على اللقاء كمّ هائل من الوعي والإرادة، لا مكان للمستحيل، ممّا سيمنح المزيد من النساء الفرصة لفكّ قيودهنّ والانطلاق إلى العمل وتحقيق الذات، الأمر الذي من شأنه أن يرقى بالمجتمع. هناء شلاعطة لخّصت اللقاء قائلة: "الطريق صعبة، لكن بهذه الطاقات الإيجابية بإمكاننا تذليل كلّ الصعاب". انتهى اللقاء وكلّ من شارك خرج وهو يترقّب المزيد من هذه اللقاءات والتعاون المشترك، كي تجتمع هذه الجهود ونعمل معًا على تقوية المجتمع خاصّة من خلال النساء، اللواتي يثبتن يومًا بعد يوم عدم صحّة مقولة إنّ المرأة عنصر ضعيف، وينطلقن ويناضلن لنزع القيود عنهنّ.

اضف تعليقًا

ادخل تعقيبك هنا.
طاقم تحرير المجلة سيقوم بقراءة تعقيبك ونشره في اسرع وقت.

الاسم

البريد الالكتروني

العنوان

موضوع التعقيب

تعليقك على الموضوع

Home نسخة للطباعة