كلمات للبحث
كلمة وفاء طيارة، مركّزة نقابة معا في باقة الغربية، في مؤتمر "عمل أسود"، 4.1.11 بتل أبيب
العمل الزراعي والتنظيم النقابي - مصدر قوّة وفخر
عمل المرأة العربية، هل هو مشكلة بالنسبة للمرأة التقليدية، كما تدّعي الحكومة وتدّعي بعض الأوساط العربية؟ أم أنّه الركيزة الأساسية لتطوّر المجتمع، وشرط أساسي للخروج من آفة الفقر؟ ألف عاملة دخلت سوق العمل من خلال نقابة معًا خلال السنوات الخمس الأخيرة، منهم 300 عاملة يعملن اليوم، هو الجواب.
بدأت معًا مشروعها بفتح أماكن العمل في مجال الزراعة للنساء العربيات سنة 2005 لأنّ فرع الزراعة هو الأكثر ملاءمة لاستيعاب عاملات غير مهنيات، 17% من النساء العربيات يعملن خارج البيت، والقسم الأكبر منهن عاملات مهنيات.
اعتمد المشروع على عدّة محاور
أوّلاً: دمج أكبر عدد ممكن من النساء في سوق العمل العادل، وإنقاذ عاملات المقاولين من العمل الفوضوي الاستغلالي، ورفع درجة وعيهن لحقوقهن في العمل. لأنّ عدم الحصول على الحقوق أضعف مكانة المرأة في المجتمع وأبقاها فقيرة رغم عملها. المشكلة ليست فقط بوجود مجتمع محافظ، كما تدّعي الحكومة، بل بانعدام فرص العمل، بسبب سياسة الحكومة لاستيراد العمّال التايلانديين الذين يمسكون أكثر من نصف أماكن العمل في الزراعة لأنّهم أرخص. هذه السياسة تخلق بشكل متعمّد البطالة بين النساء العربيات.
بالإضافة إلى ذلك، عمل نشيطو معًا على إقناع المزارعين باستيعاب العاملات للعمل، وبتشجيع النساء للالتحاق بالعمل في مجال الزراعة مع كافة الحقوق دون وساطة المقاولين.
قبل انضمامي لمعًا، عانيت من الاستغلال والاستهتار بحقوقي من قبل مقاولي الزراعة، كان العمل مهينًا، أسود بكلّ معنى الكلمة. لكن حين تنظّمت في نقابة معًا، حظيت باحترام المجتمع وبالحقوق الكاملة . العمل لم يتغيّر وحلّ في الشتاء، أشعّة الشمس الحارقة في الصيف، لكن دون استغلال في الأجر والحقوق، العمل المستغلّ وبدون حقوق هو أسود حتّى لو كان في المكاتب المكيّفة، النظيفة، والمرتبة. فخروجي للعمل كان نقطة الانطلاقة بحياتي؛ فقد اكتشفت قدرات خفية تكمن في داخلي تمكّنني من التعلّم والعمل والمشاركة في الحياة الاجتماعية والسياسية.
ثانيًا: تشارك العاملات في دورات التدعيم النسائي الأسبوعية، فلا يكفي أن نطرح أمام النساء نظرية التحرّر الاقتصادي، والفردي، قبل أن نعطيهن الآليات لمواجهة من يقمعهن، في كلّ المستويات إن كانت عائلية، أو في العمل، أو من قبل المؤسّسات، وناقشن حقّهن بالمساواة الاجتماعية مع الرجال، وتعزيز قدراتهن ومكانتهن في البيت. مشاركة النساء لم تكن بالأمر المفروغ منه، فكان عليهنّ أن يأتين إلى اللقاءات بعد عمل يوم شاقّ، وأن يعوّدن أنفسهن والعائلة على تخصيص ساعة ونصف من أجلهنّ لتكون لهنّ متنفّسًا، وتحاورن كيف يقنعن أفراد العائلة بتقاسم وظائف البيت بعدما اعتادوا أن تقوم فيها المرأة وحدها دون شكوى أو تقصير، وتعلّمن طرق الحوار السليم، بناء قنوات اتصال مع أفراد العائلة، كيف يتقبّلن الآخرين بالعمل، تبادلن القصص والتجارب الشخصية، أحيانًا بكين، وأحيانًا تضاحكن، ناقشن العادات والتقاليد التي قمعتهن، وجدن أنفسهن يقمعن بناتهن دون أن ينتبهن. هذه التجربة الغنية، مرّت بها المئات من عاملات الزراعة اللواتي يشاركن في المؤتمر، نسعد لسماع مداخلاتهن في وقت النقاش.
ثالثًا: الانضمام إلى العمل من خلال معًا يعني مشاركة في حركة نقابية من أجل إحداث تغيير جذري في سوق العمل الفوضوي. نظّمنا دورة لتأهيل كادر نقابي نسائي يدرسن قوانين العمل، بما فيها القوانين المتعلّقة بعمل المرأة، تعلّمن قراءة قسيمة الآجر لإشراكهن في تعميق ونشر الوعي النقابي لعدم السماح للمقاولين المنتفعين من استغلالهن. تعلّمن أهمّية التضامن في العمل، الأمر الذي لم يكن بالسهل تطبيقه، بسبب عدم انتشار التضامن في المجتمع. عملنا على حلّ المشاكل بين العاملات والمشغلين.
رابعًا: التوجّه إلى الرأي العامّ وكسب تأييده، ونفي ادّعاء الحكومة بأنّ الخلل موجود في النساء العربيات، من خلال المشاركة في مسيرات ننظّمها في يوم المرأة، ويوم العمّال لرفض سياسة البطالة والتهميش.
بعد 5 سنوات من القيام بهذا المشروع، على ماذا حصلت النساء؟ وما هي الإنجازات، والتحدّيات؟
على الصعيد الشخصي: النساء اللواتي حصلن على العمل، بمرافقة دورات التدعيم، يشعرن بالفخر بتحسين الاكتفاء الذاتي، والاقتصادي ، أصبح لديهنّ حساب شخصي في البنك، فهذا لم يكن بالأمر المفروغ منه، أصبحن يخطّطن للمستقبل، لكن بحذر شديد لأنهنّ دائمًا مهدّدات بالفصل من العمل الموسمي، البعض لم يعدن يتحمّلن أعباء البيت وحدهنّ، كسبن تأييد العائلة، وقسم من المجتمع.
على الصعيد الاجتماعي: النساء اللواتي حصلن على عمل دائم ومستقر استطعن في التغلّب على ضغوطات المجتمع بإبقائها في البيت مقيّدة. تحوّلن إلى نواة صلبة استطعن بإصرارهنّ أن يجذبن وراءهن الكثير من النساء للخروج للعمل، وأصبحن قدوة للمجتمع. اللواتي عملن بشكل مؤقّت، لم يستطعن التغيّر بالبيت والمجتمع. هناك المئات من النساء اللواتي اضممن لمعًا لتوفير العمل العادل، إلا أننا لم نستطع فتح أماكن عمل لكل النساء. نحن بحاجة لتحالفات مع تنظيمات عمّالية ونسائية محلّية وأممية لنتّحد ونتحدّى السياسة الموجّهة لخلق البطالة بين النساء.
أدعو جميع النساء للمشاركة في المسيرات والفعاليات التي تنظّمها معًا في يوم المرأة ويوم العمّال لرفع وطرح قضية المرأة العاملة المستضعفة العربية، اليهودية والأجنبية، على جدول العمل الإسرائيلي بعدما تم تغييبهن عنه. فنأمل أن يكون هذا المؤتمر بادرة أمل للتغيير المنشود.
اضف تعليقًا
ادخل تعقيبك هنا.
طاقم تحرير المجلة سيقوم بقراءة تعقيبك ونشره في اسرع وقت.