كلمات للبحث

اقتصاد, مؤتمر قيسارية


تاريخ النشر ٢٤/٠٦/٢٠١٠

شؤون محلية

مؤتمر قيسارية الاقتصادي: وعود كثيرة دون تنفيذ

ميخال شفارتس

يُعقد مؤتمر قيسارية منذ 18 سنة ووعوده الواهية لا تتحقق. في هذه السنوات الـ18 ازدادت البطالة والفقر بين النساء والعرب والفقراء، وتفاقمت الفجوات الاقتصادية الاجتماعية، والفساد تفشّى أكثر فأكثر.

الوعد بدمج النساء العربيات واليهود المتدينين المتزمتين في سوق العمل في إسرائيل تحوّل إلى شعار بارز في كلّ مؤتمر اقتصادي مرموق. مؤتمر قيسارية لرسم السياسة الاقتصادية والقومية، الذي يُعقد هذه السنة في الناصرة، لا يختلف عن سابقيه في هذه المسألة.
مع افتتاح المؤتمر، الذي يتناول هذه المرّة "سوق العمل في إسرائيل على ضوء التحدّيات المستقبلية"، أطلق وزير المالية، يوڤال شتاينتس: "بشرى أهمّية دمج المواطنين العرب واليهود المتدينين في سوق العمل في دولة إسرائيل". وأضاف: "دمج المواطنين العرب واليهود المتدينين هو مسألة حاسمة للاقتصاد الإسرائيلي، ونحن بصدد استثمار الكثير من أجل تغيير التوجّه القائم". وكرّر شتاينتس الشعار القاضي بكبح "نطاق تشغيل العمّال الأجانب غير الشرعيين في إسرائيل".
إلاّ أنّ البشرى التي يزفّها شتاينتس لنا بعيدة كلّ البعد عن الواقع التي تعيشه نساء الناصرة، أكبر مدينة عربية في إسرائيل، حيث تبلغ نسبة النساء خارج سوق العمل %83. يكفي النظر إلى المناطق الصناعية الخاوية في المدينة- التي هي عبارة عن بعض الكراجات، وتخلو من المواصلات العامّة، ثم إلى المباني العامّة ومعالم المدينة الأخرى، بالمقارنة مع الناصرة العليا التي تتمتّع بمناطق صناعية شاملة- لتتّضح الصورة أمامنا. قسم قليل من النساء العربيات يجدن عملاً مقابل 1500 شيقل في الشهر لوظيفة كاملة كموظّفات وبائعات، وليس هذا فحسب، بل ان النساء يتنافسن على هذا الأجر الضئيل بسبب شح فرص العمل.
هذا الأمر لا يقتصر على عهد حكومة نتنياهو، وإنّما هو نتيجة الإهمال والتمييز القائم منذ عشرات السنين. تفاقم هذا الوضع في العشرين سنة الأخيرة على ضوء السياسة الاقتصادية النيوليبرالية التي أتاحت نقل جميع المصانع التي تحتاج إلى عدد كبير من العمّال إلى بلاد يعمل فيها العمّال بأجور زهيدة.

العمل في ظروف استغلالية
تعلن كلّ حكومة تقريبًا في بداية عهدها عن نيّتها "الاستثمار الجاد" في دمج النساء العربيات في سوق العمل، لما في ذلك من "خدمة لمصلحة دولة إسرائيل"، إلاّ أنّ هذه الإعلانات لا تخرج أبدا إلى حيز التنفيذ. الأعمال القليلة غير المهنية التي تبقّت للنساء العربيات واليهوديات اللواتي يسكنّ ضواحي البلاد، سواء في مدن التطوير والقرى العربية أو في أحياء الفقر في المدن الكبرى، يعمل فيها مئات آلاف العمّال والعاملات الأجانب الشرعيين بظروف أقرب للعبودية.
استيراد العمّال والعاملات الأجانب الشرعيين قضى على العمل المنظّم في فرعَي الزراعة ومساعدة العجزة، اللذين تعمل فيهما النساء في الأساس، وترك العاملات المحلّيات دون أيّ بديل. في نظر السلطات الإسرائيلية، الفقراء هم جزء من الماضي، وليسوا جزءًا من "التحدّيات المستقبلية" التي تهدف إلى جلب الاستثمارات الأجنبية وتطوير صناعة الهاي- تك.
يُعقد مؤتمر قيسارية منذ 18 سنة، وسبق للناصرة أن استضافته في الماضي، ولكن وعوده الواهية هي نفسها. في هذه السنوات الـ18 ازدادت البطالة والفقر بين النساء والعرب والفقراء، وتفاقمت الفجوات الاقتصادية الاجتماعية، والفساد تفشّى أكثر فأكثر. يبدو أنّ شتاينتس لم يتعلّم شيئًا من الماضي.
ضرورة الاستثمار في البنى التحتية
لو قصد وزير المالية ما يقوله، لكان عليه أن يستثمر مليارات الشواقل في تطوير البنى التحتية والمناطق الصناعية في القرى العربية وفي مدن التطوير وأحياء الفقر، ليوفّر أماكن عمل حقيقية؛ كان عليه أن يستثمر مليارات أخرى لتطوير المدارس التي تعاني من الإهمال والعنف في هذه المناطق، ليتسنّى لكلّ فرد الحصول على تعليم عالٍ والاندماج في صناعة الهاي- تك.
كان عليه أن يعفي النساء العاملات من الدفع مقابل رياض الأطفال والحضانات، وتوفير يوم تعليمي طويل للأولاد؛ كان عليه أن يوقف في الحال استيراد العمّال الأجانب الشرعيين، الأمر الذي لن يكلّف الحكومة قرشا واحدا. والأهمّ، كان عليه أن يتبنّى النظرة التي تقضي بأنّ قوّة الاقتصاد تتأسّس على التشغيل الكامل وحقّ التنظّم المهني والأجر اللائق لكلّ مواطن ومواطنة، وليس على مكافأة المستثمرين والمضاربين في الأسواق المالية.

الكاتبة هي عضو في "الائتلاف النسائي من أجل التشغيل العادل"

اضف تعليقًا

ادخل تعقيبك هنا.
طاقم تحرير المجلة سيقوم بقراءة تعقيبك ونشره في اسرع وقت.

الاسم

البريد الالكتروني

العنوان

موضوع التعقيب

تعليقك على الموضوع

Home نسخة للطباعة