تاريخ النشر ١٤/٠٤/٢٠١٠

نساء

كلمة اسماء اغبارية- زحالقة في يوم المرأة العالمي، 8 آذار 2010

شعب من العاملات

اسماء اغبارية-زحالقة

اسماء اغبارية زحالقة

في الساعة السادسة مساءً، عندما نكتظ في الباص ونحن عائدات من العمل، لا يمكن التفريق بيننا، مَن منا عربية، ومن منا يهودية، من روسية او أثيوبية. صحيح أنّ لكلّ واحدة منّا لونها الخاصّ وقوميتها وثقافتها المغايرة، لكنّ التعب والأعين الذابلة نعسًا، والجسد الذي لا يقوى على الوقوف أو المتهالك على المقعد إعياءً، والنظرات الساهمة في اللاشيء عبر نوافذ الباص، كلّ تلك تدل على شيء واحد – اننا جميعا شعب واحد، "شعب من العاملات".
نحن المعلّمات، الحاضنات، السكرتيرات، الممرضات، عاملات النظافة والزراعة، العاملات في النسيج وفي مصانع الدجاج، نحن اللواتي يتقاضين أجرًا أدنى في نهاية الشهر، ونعاني من الاستهتار ومن الاستغلال والتحرّش الجنسي كلّ يوم. نحن اللواتي نعيش في مجتمع عنيف مستغلّ وعديم القيم. نحن اللواتي نحمل المجتمع على أكتافنا كأمّهات وكعاملات أيضًا، لا نحظى بالاعتراف أو بأي مقابل لمساهمتنا.

نحن النساء، اللواتي يسمّيهنّ المجتمع "الحلقة الضعيفة"، نحن اللواتي كنّ حتّى الآن متّحدات في فقرنا وضعفنا، في هذا اليوم، يوم المرأة العالمي، نقف هنا متّحدات بقوّتنا وبرغبتنا في التغيير. في يوم المرأة العالمي كسرتنّ الجدار، جدار الخوف والكراهية، وسرتنّ كتفا إلى كتف، عربيات إلى جانب يهوديات، وأثبتنّ بأن "نعم، نحن نستطيع" بناء مجتمع مختلف، مجتمع متضامن.
اليوم، عدد كبير من المنظّمات النسائية والعمّالية العربية واليهودية، تجمّع معًا في ائتلاف من أجل تنظيم هذا اليوم، لينقل رسالة واضحة للحكومة: كفى! لا نريد المزيد من شركات المقاولين ولا شركات القوى البشرية؛ لا نرضى بالعمل المؤقّت، ولن نستسلم للاستغلال وطمس الحقوق؛ نريد عملاً عادلاً يوفّر لنا مصدر رزق وعملاً يحترمنا ويتيح لنا أن نكون عنصرًا منتِجًا في المجتمع.
اليوم نعيد ليوم المرأة معناه الأصلي- يوم للنضال من أجل الحق بالعمل المنصف والعادل. في هذا اليوم قبل 102 سنة بالضبط، في مدينة نيويورك سارت 15 ألف امرأة احتجاجًا على ظروف تشغيلهنّ القاهرة. قد يصعب تصور الامر، ولكن بعد كلّ هذه السنوات والإنجازات الكبيرة للحركات النسائية وللعمّال، عادت الأنظمة التي تحكمنا إلى محاربتنا بكلّ قوّتها. وباسم الأيديولوجية النيوليبرالية أعادتنا إلى عصر الظلمات، وصادرت حقوقنا مرّة أخرى. لذلك نقف هنا اليوم لوقف حملة السلب الموجّهة ضدّنا.
إسرائيل تواصل حملتها لخصخصة جميع مجالات الحياة، رغم الفشل الذريع والكارثة الكبرى التي سبّبها النهج الاقتصادي للعالم. صحيح أنّ المصانع تُغلَق ويُرسل المزيد من النساء إلى مكاتب العمل، لكنّ ذلك لا يعني أحدًا. الهاي تك ينمو، والبورصات تجني أرباحًا، وأصحاب رؤوس الأموال يواصلون جني الأرباح الطائلة، وهذا هو مقياس النجاح.
لكن ثمّة غليان في الشارع، وفي القلوب. في إسرائيل عام 2010 تصل معدلات الفقر إلى %20، والفوارق الاجتماعية هي الأكبر في العالم الغربي. النساء هنّ الضحية الأساسية لهذا النهج، %20 منهنّ على الأقلّ فقيرات، ويشكّلن %56 من مجمل الذين يحصلون على مخصصات ضمان الدخل، %83 من النساء العربيات لا يعملن لأنّ سوق العمل مسدود في وجههنّ، النساء في اسرائيل (اليهوديات ايضا) يتقاضين %64 من أجر الرجال، معظم العمال في شركات اقوى البشرية هم من النساء. ولِمَ كلّ هذا؟ لمجرد أنهنّ نساء.
الحكومة تتهرب من تحمل المسؤولية وتتّهم الفقراء بفقرهم، ولكنها المسؤولة الوحيدة عن هذا الوضع المزري. فالحكومة هي التي تخلّت عن مواطنيها، وقضت على العمل المنظّم وشجّعت العمل غير المنصف في القطاع العامّ والخاصّ، وصادرت الحقوق التقاعدية من جمهور كامل. الحكومة هي التي تصادق من جهة على طرد العمّال الأجانب وفي نفس الوقت تستورد آخرين جددًا لاستغلالهم. بدلاً من مواجهة البطالة وخلق اماكن عمل كريمة، استوردت الحكومة خطّة ويسكونسين لخصخصة مكاتب العمل، مع انها لاقت فشلاً ذريعًا في العالم.
جئنا هنا اليوم لنقول بوضوح- لن نسمح بهذه المعاملة المسيئة، يتوجّب على الحكومة تغيير سلّم أولوياتها، ووضع المواطنين والنساء خاصّةً على رأس هذا السلّم، وليس اصحاب رؤوس الاموال الطفيليين الذين يستغلّوننا، ينتهكون حقوقنا ومن ثمّ يلقون بنا الى البطالة والفقر.
في هذا اليوم سرنا نساء عربيات ويهوديات معًا، ولكن لن نخدع أنفسنا، فطريقنا لنيل حقوقنا ليست مزروعة ورودا. تعترضنا جدران كثيرة فاصلة، تمنع عنا الحياة والهواء. ولكننا سنواصل العمل والكفاح لإسقاط الجدار الطبقي الذي يحكم على اغلبية الناس بحياة الفقر والبطالة والحروب والاحتلال، ويُثري اقلية قليلة فقط على حسابنا. آن الأوان أن نقرّر مصيرنا بأنفسنا، أن نتنظّم ونتّحد لإسقاط الجدار.

اضف تعليقًا

ادخل تعقيبك هنا.
طاقم تحرير المجلة سيقوم بقراءة تعقيبك ونشره في اسرع وقت.

الاسم

البريد الالكتروني

العنوان

موضوع التعقيب

تعليقك على الموضوع

Home نسخة للطباعة