كلمات للبحث
معرض لفنانين فلسطينيين، المان واسرائيليين في صالة العرض للفنون بأم الفحم
29 كم
يشارك 13 فنانا فلسطينيا، اسرائيليا والمانيا في معرض حول "القيود على حرية الحركة" التي تفرضها اسرائيل في المناطق المحتلة، ويتناول العلاقات بين الفلسطينيين، الاسرائيليين والالمان. الاعمال معروضة في صالة العرض للفنون في ام الفحم، وتستمر حتى 24 اكتوبر 2009. نظم المعرض امينة المعارض شلوميت باومان، صالة العرض للفنون بام الفحم ومعهد غيته.
وُلد اسم المعرض اثناء محادثة بين باومن والفنان الفلسطيني مجدي حديد، الذي قال انه يستطيع التحرك حول بيته دون الاحتكاك بقوات الاحتلال، الحواجز، الجدار وشوارع الفصل العنصري، فقط ضمن مساحة محدودة لا تتعدى ال29 كيلومترا مربعا.
أُعدّت الاعمال الفنية بعد ندوة جمعت الفنانين في رام الله ضمن أسبوع دراسي بين التواريخ 23-30 تشرين ثان (نوفمبر) عام 2008. ولا يتناول المعرض المعالم الخارجية للحواجز والحدود فحسب، بل يوجّه الانظار الى الوعي الداخلي، ويثير تساؤلات حول تذويتنا للفصل، الآراء المسبقة والانغلاق الذي يفقدنا الثقة بالقدرة على تغيير واقع الاحتلال. يتحدى المعرض نظريات الامن التي يتمسك بها الاسرائيليون ويكشف الثمن الشخصي الباهظ ازاءها.
التقيت امينة المعرض شلوميت باومان في المعرض بام الفحم وحاورتها حول اهداف المعرض وابعاده. باومن هي فنانة وامينة معرض مستقلة، ومحاضرة للفنون في المعهد التكنولوجي بمدينة حولون وفي مدرسة الفنون والمجتمع في كلية سابير. ولدت باومن في كيبوتس عمير وتعيش اليوم في مدينة يافا.
كيف وُلدت فكرة المعرض؟
فكرة المعرض تبلورت خلال العمل على مشروع مشابه في المانيا، شارك فيه فنانون من الشعوب الثلاثة، وحصلت كل مجموعة على ستوديو للعمل فيه في احضان الطبيعة الخلاّبة. وكانت النتيجة جيدة، ولكن النقص الكبير كان في غياب الحوار بين الفنانين. هناك فهمت ضرورة اجراء حوار بين اطراف المثلث التاريخي الاسرائيليين-الفلسطينيين-الالمان، وقمت بالتعاون مع الفنان سفين كالدين الذي شارك في نفس الندوة بالمانيا، بتطوير اطار جديد للمشروع الحالي.
العمل على المشروع استمر عامين، وتم تكريس عام كامل منهما للحوار بين الفنانين انفسهم. وكانت الفكرة تنظيم ندوة مشتركة على مدار تسعة ايام في رام الله، تشتمل على زيارة لتل ابيب، ام الفحم وشرقي القدس. كان مهما لنا اجراء النقاش في واقع الصراع الاسرائيلي-الفلسطيني، وليس في قرية المانية وادعة. كانت الفكرة فحص موضوع "القيود على حرية الحركة" في سياق الواقع المحلي، وكيفية مواجهتها. في الندوة طرح المشاركون اسئلة حول مواضيع مثل موازين القوى والاحتلال والحكم وفتح وإغلاق الحدود والسيطرة وحركة الجماهير والأفراد.
كيف تم اختيار الفنانين؟
أردنا الوصول لفنانين ذوي وعي اجتماعي واستعداد للمشاركة والنقاش في الندوة. جودة الاعمال الفنية شكلت هي الاخرى عاملا مهما في اختيار الفنانين. كان واضحا بالنسبة لي ان الندوة يجب ان تعقد في رام الله وليس في اسرائيل، لان الفنانين الفلسطينيين ممنوعون من دخول اسرائيل، وكان مهما ايضا الالتقاء بالفنانين الفلسطينيين في بيئتهم وواقعهم. نحن نعيش على جانبي الجدار، نخضع لسياسة الفصل، ولا يعرف احدنا شيئا عما يحدث في الطرف الآخر للجدار.
لتحقيق هدفنا هذا سعينا للحصول على رعاية مؤسسة فلسطينية للمشروع. منذ البداية تكونت علاقة جيدة مع الفنان مجدي حديد من رام الله. توجه مجدي لمؤسسات عدة والوحيد الذي لبّى النداء كان خالد حوراني من الاكاديمية الدولية للفنون في فلسطين، والقائمة في رام الله. للاسف، رفض الكثير من الفنانين الفلسطينيين المشاركة في المشروع بسبب معارضتهم للتطبيع مع اسرائيل، مع ان المشروع معارض للسياسة الاسرائيلية.
في نهاية المطاف وافق على المشاركة في المشروع اربعة فنانين فلسطينيين. احدهم ترك بسبب عدم القدرة الفعلية على الوصول للقاءات. ولكن شارك معنا في الندوة فنان من غزة الذي لم يتمكن من الوصول بسبب الحصار، ولم نتمكن من الحصول على عمل الفيديو الذي أعدّه عبر البريد، ولكن في النهاية تغلّبنا على العقبات وشارك في الندوة عبر الانترنت وقدم عمله "Stop! …you are from Gaza"، وفيه يوثق نفسه وهو يحاول الخروج من غزة، كما اشتمل العمل على صور للمخارج الاربعة المغلقة (المطار المهدم، حاجز ايرز، معبر رفح والبحر).
اردنا اعطاء المجال للفنانات الفلسطينيات ولكن كل من توجهنا اليهن رفضن المشاركة. من جهة اخرى، وافقت على المشاركة الفنانة نسرين ابو بكر من قرية زلفة (قرب ام الفحم) وهي خرّيجة معهد الفنون "بيت بيرل". السؤال الذي اردنا طرحه في هذا السياق كان - هل النساء يعانين العقبات الاجتماعية اكثر من الرجال، وهل يدفعن ثمنا اغلى اذا خرجن عن الاجماع. للاسف، ليست لدي اجابة بسبب غياب الحوار مع ايٍّ منهن.
بالنسبة للاسرائيليين، كانت المشاركة معقدة من الناحية القانونية والشخصية، اولا بسبب منع القانون للاسرائيليين من دخول المناطق المحتلة. قررنا عدم استخدام طريقة التصاريح التي تفرضها علينا اسرائيل كيلا نعطي الشرعية لهذه الممارسات. ثانيا، تنجح سياسة الفصل في اثارة المخاوف، والاغلبية الساحقة تقبل بهذه الممارسات ما عدا الاقلية التي تبدو في نظر الاغلبية كمجموعة من المجانين.
انا نفسي خفت عندما سافرت الى رام الله في المرة الاولى لغرض اللإعداد للندوة، ولكن هذا الاحساس تبدد بعد دقائق معدودة من السفر مع مجدي حديد. بعض الفنانين الاسرائيليين الذين كان المفروض ان يشاركوا في الندوة، اختفوا واحدا تلو الآخر، كل لاسبابه الخاصة. الخوف مزروع فينا، حتى في قلوب الليبراليين منا ومن يؤمنون بالمساواة ولديهم حب استطلاع وفكر متحرر. في نهاية الامر اعتقد ان دخول الفنانين الاسرائيليين الى رام الله كان لحظة هامة جدا في المشروع.
التوجه للفنانين الالمان تم بواسطة الشريك في المشروع الفنان سفين كالدين. في النهاية شارك في المعرض كل من: سفين كالدين (برلين)، إينيس تشابر (برلين)، غيرت بندل (برلين)، أوليفر فاندنبيرغ (برلين)، جورج كلاين (برلين)، مجدي حديد (رام الله)، حسني رضوان (رام الله)، شريف سرحان (غزة)، ديفيد غوس (تل ابيب)، رون عمير (سديه فيربورغ)، رافيت ليتسير (موديعين)، نسرين أبو بكر (زلفة)، رينات كوتلر (جفعتاييم).
كيف أثّرت الندوة على المشاركين؟
الاعمال الفنية تبلورت كاستمرارية للندوة التي خلقت معرفة بالموضوع وتعارفا بين الاشخاص. المكوث في رام الله واللقاء مع الناس في الشارع كان مهما للغاية. خلال الندوة التقينا محاضرين من مجالات مختلفة منها في مجال الفنون، التخطيط والهندسة، الصحة النفسية وغيرها. فحصنا النواحي النفسية والجدسية، الخارجية والداخلية، لموضوع الحدود والقيود على الحركة. كانت هذه تجربة مشتركة قوية جدا.
بعد شهر من الندوة اندلعت الحرب على غزة، الامر الذي زعزع المشاركين لدرجة اثارت علامات استفهام حول امكانية استمرارية المشروع. دفعت الحرب بالمشاركين جميعهم لاتخاذ مواقف متطرفة، وهذا أثار اسئلة حول مدى واقعية المشروع. وأثمر التخبط عن اعمال فنية تتطرق بشكل مباشر للحرب، مثل العمل الذي تقدمه نسرين ابو بكر بعنوان "Babies" او عمل الفنانة رافيت لتسر "شهود".
لماذا ركّزتم على المثلث الاسرائيلي-الفلسطيني-الالماني؟
التفكير الصهيوني يعتبر الكارثة (الهولوكوست) عاملا اساسيا في اقامة دولة اسرائيل، وبذلك تلغي اسرائيل اية علاقة بين قيامها وبين النكبة التي تسببت بها للفلسطينيين. يأتي المعرض ليزعزع الفصل بين الامرين. السؤال هو هل نحن مستعدون لتبني وجهة نظر اكثر تعقيدا للواقع من النظرة السطحية التي تقسم بين فلسطينيين واسرائيليين على حدة، واسرائيليين والمان على حدة، كما لو انه ليس هناك اي تواصل تاريخي بين الحدثين.
معظم الاسرائيليين يعتبرون حرب 1967 نقطة تحول، ولكن الاقلية فقط مستعدة لاعادة النظر فيما حدث عام 1948. في رأيي علينا ان نعود بالزمن الى ما قبل الحرب العالمية الثانية كي نرى التواصل التاريخي، ونفهم مكوّناته الدقيقة في محاولة لفهم رواية الطرف الآخر.
في هذا السياق طُرح السؤال حول اللغة التي من الواجب اعتمادها اثناء الحوار، معظم الوقت تحدثنا باللغة الانجليزية، وكذلك في الكتالوج. ولكن في نفس الوقت كان مهما لي ان أُدخل اللغة الالمانية للكتاب الى جانب اللغة العربية والعبرية، للتركيز على المواقع الثلاثة المتعلقة بالصراع.
كيف كانت ردود الفعل في اسرائيل على المعرض؟
ردود الفعل لم تكن بسيطة. في اللحظة التي يتم فيها ادخال الموضوع الالماني، تعتبر انك اجتزت الخط الاحمر لليسار الصهيوني الذي يرفض المقارنة بين الكارثة الالمانية ضد اليهود وبين الاحتلال الاسرائيلي للفلسطينيين. هذا يثير لدى معظم الجمهور الاسرائيلي احاسيس قوية وردود فعل غاضبة. المشروع لا يقوم بمقارنة من هذا القبيل، ولكنه يحاول ان يضع ادوات اكثر دقة لتحليل الرواية التاريخية ومعالمها المختلفة. الرواية الاسرائيلية التي ترى في الفلسطيني عدوا متجذرة داخل المجتمع الاسرائيلي لدرجة تجعله يستصعب رؤية الامور من منظار آخر.
لماذا اخترتم عرض المعرض في الصالة بام الفحم تحديدا؟
أردت عرض المعرض في رام الله، برلين وتل ابيب. واضح انه في الوقت الحالي من الصعب العرض في رام الله بسبب مقاطعة الفلسطينيين للاسرائيليين. هذا يثير السؤال حول تلقائية المقاطعة من جانب الفلسطينيين، وعدم امكانية المقاطعين التطرق الى كل مشروع على حدة والقرار بشأن مقاطعته او لا. ولكن من المهم ان ننقل الرسالة حتى لو كانت الظروف صعبة حاليا. من جهة اخرى ليس اكيدا ابدا ان ننجح في نقل المعرض لتل ابيب بسبب مواقف الجمهور الاسرائيلي، ولكني سأحاول ان اجد مكانا يحتضنه.
كان من المهم عرض المعرض في ام الفحم كاستمرارية للحوار بين الفنانين، ونقل الحوار الى طاقم صالة العرض، الجمهور، طلاب المعاهد الفنية والمجتمع العربي. هذه مساهمتنا للتقارب المتبادل. الكثير من الاسرائيليين يخافون او لا يريدون دخول ام الفحم وليس فقط رام الله، وفي رأيي هذا حاجز نفسي على الناس اجتيازه.
لمزيد من التفاصيل حول المعرض زوروا موقع صالة العرض بام الفحم
اضف تعليقًا
ادخل تعقيبك هنا.
طاقم تحرير المجلة سيقوم بقراءة تعقيبك ونشره في اسرع وقت.