كلمات للبحث
معرض "رجال في الشمس"
المعرض: رجال في الشمس
الفنّانون المشاركون: عبد عابدي، أسامة سعيد، أسد عزّي، إبراهيم نوباني، عاصم أبو شقرة، ميخائيل حلاق، ضرار بكري، راني زهراوي، رأفت حطّاب، فهد حلبي، علاء فرحات، إسكندر قبطي، ربيع بخاري.
القيّمان على المعرض: طال بن تسفي، حنا فرح- كفر برعم
13.6.2009 – 13.9.2009
معرض رجال في الشمس يتعامل مع فنّ فلسطينيّ معاصر لفنّانين يعيشون ويعملون في إسرائيل. يستعير المعرض عنوانه من رواية بهذا الاسم للكاتب غسّان كنفاني. الرواية، التي صدرت في العام 1963, تسرد تفاصيل مسيرة يقوم بها ثلاثة فلسطينيين من أجيال مختلفة، يسعون للعثور على عمل في دول الخليج وتخليص أنفسهم وعائلاتهم من ظروف حياتهم القاسية. وبكونهم لا يحملون تصاريح المرور المطلوبة، يضطرّ ثلاثتهم إلى الاختباء قبل وصولهم إلى المحطة الحدودية ما بين العراق والكويت، داخل خزّان ماء فارغ تقوده الشاحنة التي تنقلهم. هنا، يقوم حرّاس الحدود في المحطّة بتأخير الشاحنة من خلال محادثة عبثية، والفلسطينيون الثلاثة يموتون في قيظ الصحراء اللاهب، عند أطراف مدينة غير محدّدة. وتنتهي القصّة بصرخة سائق الشاحنة: "لماذا لم تقرعوا جدران الخزّان؟ لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟".
تجسّد قصّة اللاجئين الثلاثة مدى تعرّض حياة الفلسطينيين للأذى ومدى هشاشتها. كنفاني يؤكّد البعد المؤقّت السيء في وجودهم، حيث أنّه يتمّ فيه، أيضًا، نتيجة لفقدان الزمن أو نتيجة للزمن المعرقَل والمؤجّل، يُحكم عليهم بالموت ميتة شديدة القسوة.
في مقالته التي يضمّها هذا الكتالوغ، يشير أمل جمال إلى أنّ قصة كنفاني تعكس وعيًا مؤقتًا عميقًا يرفض التسليم بالواقع الذي نشأ بعد نكبة العام 1948. هذه الوضعية المؤقتة، أي استيعاب فكرة الزمن لدى الفلسطينيين، تقوم على إخراجهم من التاريخ، على إفراغ الزمن وعلى تأجيله. "كما أنّ الفلسطينيين الذين يعيشون في وطنهم"، يكتب جمال، "يعيشون، أيضا، مشاعر النفي عن المكان والزمان بشكل يومي والغربة في وطنهم.
واحدة هي التجربة العينية التي عاشها الفلسطينيون إثر النكبة، تجربة الزمن المُرجأ هي تجربة مشتركة للجميع، الحياة على هامش الانتظار دون أن يكون لديهم سيطرة عليها، والوجود في وضع خالٍ من استقرار طبيعيّ. جميع المجتمعات الفلسطينية أينما كانت، وبصرف النظر عن جودة حياتها، تواجه أزمة وتحدّي الزمن المُفرغ أو المُرجأ وتعيش حالة انتظار." هذه الوضعية المؤقّتة، كما يدّعي، تنعكس في أعمال كتّاب وفنّانين فلسطينيين يتناولون تجربة الفقدان، التغريب، الاغتراب وتحدّيات الوضعية المؤقّتة في جميع أماكن وجودهم.
يتمحور معرض رجال في الشمس حول محورين من المعنى، واللذين يعودان ويتكرّران في الأعمال. المحور الأول، "في ظلّ الصمت"، يواصل الصمت المأساوي والمهلِك لدى اللاجئين الثلاثة في خزّان الماء، في قلب صحراء قائظة. الصمت في هذا السياق هو تعبير شديد الموثوقية للتوتّر اليومي والمستحيل الذي يرافق ظروف الحياة والعمل لدى فنّانين فلسطينيين. أمّا الوجه الآخر لعملة الصمت، فهو منظومة استعارية رمزيّة مشفّرة، تبتعد عن الواقعية الفنية. وعلى الرغم من أنّ هذه المنظومة الاستعارية تردّ، بشكل جزئي، على الأحداث التاريخية العينية، فهي مخفية بمعظمها ولا تظهر في التأويلات الظاهرة وفي الخطاب حول الأعمال.
المحور الثاني، "الوضعية المؤقّتة كحيّز وعي فلسطيني"، يموضِع في مركزه تفكيرًا ذا طابع مؤقّت بالحيّز. فالعلاقة المتجسّدة بـ زمن-حيّز حاضرة في الأعمال، سواء في صور الخواء أو غياب الناس من محيط سكناهم، أو في صور الحيّز الشائك والمتاهة. إنّ الوعي للمؤقّت المتواصل أو الانتظار الواعي الطويل الذي يصبو إلى إحداث تغيير، حاضر في أعمال هؤلاء الفنانين منذ البداية، لكنه يتبدّل تدريجيًا بوعي جديد للمؤقّت بوصفه حالة طبيعيّة آخذة في السيطرة على كينونتهم.
الفنّانون الثلاثة عشر الذين يشاركون بأعمالهم في هذا المعرض هم فلسطينيون مواطنون في إسرائيل، ممن بدأوا نشاطهم في فترتين مختلفتين تمامًا في تاريخ الأقلية الفلسطينية في إسرائيل: أ. خمسة من الفنّانين – عبد عابدي (من مواليد حيفا، 1942)، أسامة سعيد (من مواليد نحف، 1957)، أسد عزّي (من مواليد شفاعمرو، 1955)، إبراهيم نوباني (من مواليد عكا، 1961)، عاصم أبو شقرا (من مواليد أم الفحم، 1961) – ولدوا إلى داخل واقع الحياة في ظلّ فترة الحكم العسكري التي استمرّت من عام 1948 وحتى إلغائها الرسمي عام 1966؛
ب. الفنّانون الثمانية الآخرون المشاركون في المعرض – فهد حلبي (من مواليد مجدل شمس، 1970)، ميخائيل حلاق (من مواليد فسوطة، 1975)، إسكندر قبطي (من مواليد يافا، 1975)، علاء فرحات (من مواليد بقعاثا، 1977)، ربيع بخاري (من مواليد يافا، 1980)، ضرار بكري (من مواليد عكا، 1982)، رأفت حطاب (من مواليد يافا، 1981)، وراني زهراوي (من مواليد مجد الكروم، 1982) – جميعهم ولدوا بعد حرب 1967.
محورا المعرض "ظلّ السكوت" و "المؤقّت كحيّز وعي فلسطينيّ"، يعرضان في تنويعة من التصالبات منظومة مركّبة من الروابط، الإستراتيجيات البصرية والسردية والتأويلات باللغتين العربية والعبرية. هذه المنظومة تعكس حيّز الوجود الجدليّ للفنانين في التوتّر القائم ما بين "من الداخل" و "من الخارج"، بين "الانتماء" و "الآخروية"، بين حقول ثقافية قومية وبين حدود مُميّزة.
المعرض يعجّ بهذا التوتّر الجدليّ. وهو يحاول فكّ الدّرز الظاهرة والخفيّة التي تربط السكوت وإمكانية الكلام، المؤقّت والطبيعية، الشعور بالملحاحية الجماعية وموقف الفرد الذي يريد لنفسه مكانًا ليبدع ويعرض فيه، لكنه يسعى، أيضًا، إلى تغيير تاريخ التمثيل المشحون والمواقف النابعة منه وتحديد أفق للتغيير في ما يخصّها.
1 غسان كنفاني، رجال في الشمس، منشورات صلاح الدين، القدس، 1976.
2 يُنظر أدناه: أمل جمال، "الصراع على الزمن وقوّة "المؤقّت": اليهود والفلسطينيون في متاهة التاريخ", 2009
متحف هرتسليا للفنّ المعاصر
مع خروج السبت، 13 حزيران 2009، في الساعة 20:00
متحف هرتسليا للفنّ المعاصر
شارع هبنيم 4، هرتسليا | تلفون: 09-9551011
ساعات الاستقبال: الثلاثاء، الخميس: 16:00-20:00
الاثنين، الأربعاء، الجمعة، السبت: 10:00-16:00