كلمات للبحث

الزيتون


العدد ٢١٢, تشرين ثان ٢٠٠٧

شؤون محلية

لماذا تكلف صفيحة زيت الزيتون ٦٠٠ شيكل؟

هداس لهب

حسب تقديرات خبراء في فرع الزيتون في البلاد، سيطرأ بحلول عام ٢٠١٢ انخفاض في حصة المزارعين العرب من انتاج زيت الزيتون من ٦٠% الى ٤٠%. مهندس زراعي: "علينا كمزارعين عرب الاستثمار بالزيتون بشكل جدي كمصدر دخل، وليس اعتباره مجرد فولكلور. علينا ان نناضل للحصول على ماء للري وتبني وسائل حديثة وعلمية لمعالجة الاشجار والزيت، والا فلن يكتب لهذا الفرع البقاء".

لا يذكر فلاحو الجليل عاما شحيحا كهذا منذ عام 1988. تصوير: الصبّار

لم يصدق ابو العبد ما رأته عيناه عندما دخل كرمه في سهل دير حنا مطلع تشرين ثان الجاري. الاشجار القديمة انتصبت عارية دون ثمر، كما لو انها نسيت ان اوان القطاف قد حان وان الفلاحين معتطشون لزيت جديد. يقول ابو العبد انه قبل سنة انتج الكرم نفسه ١٢٠ صفيحة زيت (تحتوي الصفيحة على ١٦ كلغم). هذا العام بالكاد استخرج ٢٠ صفيحة.

لا يذكر فلاحو الجليل عاما شحيحا كهذا منذ عام ١٩٨٨. معظم العاصر لم تفتح ابوابها، واصحاب الكروم الذين اعتادوا بيع فائض زيتهم، اضطروا ان يشتروا زيتا لبيوتهم. ويتوقع ان لا تزيد كمية زيت الزيتون هذا العام عن ٢٥٠٠-٣٠٠٠ طن، كما افادنا امين حسن، مدير عام مجلس الزيتون. هذا مقارنة ب٩٠٠٠ طن تم انتاجها العام الماضي.

النتيجة المباشرة للنقص في الزيت الجديد هو ارتفاع حاد في اسعاره. سعر الزيت الذي يباع في القرى العربية قفز من ٣٠٠ شيكل للصفيحة قبل عام الى ٦٠٠ شيكل واكثر هذا العام. لاول وهلة، السعر العالي جيد للمزارعين، ولكن في الحقيقة لا يمكن للسعر العالي ان يعوض كثيرا عن الخسارة المتسببة عن شح المحصول.

الزيتون العربي في ازمة

لمشكلة الاساسية في فرع الزيت بالضفة الغربية هو انعدام مياه الري. تصوير: الصبّار

السعر العالي يعكس اولا وقبل اي شيء الازمة التي يواجهها فرع الزيتون في الوسط العربي. مع ان المزارعين العرب يملكون ٩٥% من المساحات المزروعة زيتونا، الا انهم ينتجون ٦٠% فقط من زيت الزيتون سنويا في اسرائيل.

حسب اقوال المسؤول حسن فان الوسط العربي تضرر بشكل بالغ من ظاهرة "التفاوت في الحمل" (شجرة الزيتون تحمل ثمرا سنةً واحدة وفي السنة التالية لا تحمل). التفاوت في الحمل يصبح اكثر حدة في الكروم التي لا يتم ريّها، وهذا هو حال معظم الكروم التابعة لمالكين عرب. سبب اضافي هو الاهمال. فمعظم المزارعين العرب لا يرون في زيت الزيتون مصدر رزق، لذا لا يقومون بمعالجة الاشجار، مثل تقليمها، تسميدها، رشها وغيره. ويساهم في تقليل منتوج الثمر طريقة القطف اليدوية التي تستخدم فيها العصي. فهذه تكسر الاغصان الصغيرة وتضعف امكانية الشجرة ان تؤتي الثمر في العام التالي.

تشير التقديرات الى ان القرى العربية ستنتج هذا العام ١٠-١٥% فقط من كمية الزيت التي انتجتها العام الماضي. قلة الثمر وعدم الاهتمام بالاشجار يضرب ايضا جودة الزيت، لان هذا يزيد نسبة الثمر الذي اصيب بذبابة الزيتون وامراض اخرى. لذلك، سيكون من الصعب جدا هذا العام العثور على زيت جيد جدا (extra virgin)، الذي يباع باسعار عالية في السوق الاسرائيلية والعالمية.

الوضع في الوسط اليهودي مختلف. رغم ان هذا العام شهد انخفاضا في المحصول، الا ان الهبوط ليس حادا. معظم الكروم التابعة ليهود كبيرة جدا ويتم ريها ورعايتها بالطرق الحديثة بما فيها القطف بواسطة ماكينة، كما يتم معالجتها بشكل متواصل على مدار السنة. لهذا السبب فان التفاوت في الحمل لا يؤثر عليها بشكل نوعي.

فرع الزيتون بالضفة

سنة صعبة مرت ايضا بمزارعي الضفة الغربية. الدكتور اسامة عودة، رئيس اتحاد الجمعيات التعاونية لعصر زيت الزيتون وتسويق منتجاته، والتي تؤطر ٢٠ تعاونية لاصحاب معاصر واصحاب كروم زيتون، وهي تنشط في الضفة منذ عام ١٩٦٦. يقول عودة ان محصول الزيتون وصل هذا العام الى اقل من ٣٠% من العام الماضي. قبل عام انتجوا في الضفة ٣٢ الف طن من زيت الزيتون، اما هذا العام فتراجع الانتاج الى عشرة آلاف طن فقط. في الضفة ايضا قفزت الاسعار. قبل سنة دفع عودة لمزارع في المعصرة ١٧ شيكل لكيلوغرام زيت الزيتون الجيد جدا، اما هذا العام فقد دفع ٢٦ شيكل للكيلو.

المهندس الزراعي مجد ناصر من طولكرم، هو عضو لجنة التذوق (tasting panel) الوطنية ومنسق مشاريع في اتحاد لجان العمل الزراعي منطقة الشمال. يؤكد ناصر هو ايضا ان المشكلة الاساسية في فرع الزيت بالضفة هو انعدام مياه الري. حسب رأيه اهمال المزارعين ايضا يلعب دورا في تقليص المحصول. سبب اضافي للحضيض الذي وصله محصول هذا العام هو الجدار الفاصل الذي عزل الفلاحين عن كرومهم ومنعهم من الوصول لقطافها.

مع ذلك، يؤكد ناصر ان فرع الزيتون في الضفة يمر في السنوات الاخيرة بنهضة، حولته الى عامل مهم في الاقتصاد الفلسطيني المنهار. احد اسباب ارتفاع اسعار الزيت هو العام الصعب، ولكن سبب آخر هو الاهتمام المتزايد بزيت الزيتون الفلسطيني، زيادة الطلب التي تفتح اسواقا جديدة.

يشير ناصر الى عدة عوامل: "سوق التصدير للغرب الآخذ بالتطور في السنوات الاخيرة من خلال جمعيات وشركات خاصة. في العام الماضي تم تسويق ١٠٠٠-٢٠٠٠ طن زيت زيتون. الاسعار على الزيت المصدر عالية، ولكن المتطلبات للجودة عالية ايضا، ولذلك فهذا السوق غير ملائم للجميع.

السوق الثاني هو السوق العربي الذي اشترى في العام الماضي ٤٠٠٠ طن زيت زيتون من الضفة. في السنوات الثلاث الاخيرة، بعد ان ازال الاردن القيود على ادخال زيت الزيتون لحدودها، صار من الممكن تسويق الزيت الفلسطيني للعالم العربي. يتم ارسال الزيت بتنكات عن طريق الجسور الى الاردن، ومن هناك للسعودية، قطر والامارات. يتم استقبال الزيت "بالترحاب" دون حاجة لفحص الجودة. كل من له قريب في الخليج، يصدر له بضعة تنكات من الزيت للاستهلاك الشخصي وللبيع في السوق المحلية. ثمن صفيحة الزيت الفلسطيني في الخليج يمكن ان تصل الى ١٢٠ دينار اردني (٧٠٠ شيكل تقريبا).

السوق الاهم بالنسبة لزيت الزيتون من المناطق المحتلة هي السوق الاسرائيلية، التي تستهلك سنويا ١٠ آلاف طن، مقارنة بالضفة التي تستهلك ١٥ الف طن. علاوة على ذلك تشهد الاشهر الستة الاخيرة تسهيلات حقيقية تسمح بعبور العرب مواطني اسرائيل الى الضفة الغربية، الامر الذي يشجع الحركة التجارية في منطقة طولكرم.

امين حسن، مدير عام مجلس الزيتون، يرى ان ارتفاع اسعار الزيت في الضفة هو عامل اساسي في ارتفاع اسعار الزيت في اسرائيل. "المناطق المحتلة هي الجهة الرئيسية التي تزود السوق الاسرائيلية بزيت الزيتون. في الماضي كان التجار الكبار يستغلون الفلاحين ويدفعون لهم اسعارا مضحكة. الناس باعوا الزيت مقابل ٨-١٠ شيكل للكيلو، لانه لم يكن امامهم خيار. اليوم مجلس الزيتون الفلسطيني يحمي حقوق المزارع الفلسطيني في الضفة".

مجلس الزيت والزيتون الفلسطيني تأسس في اكتوبر ٢٠٠٥، لرفع مكانة منتجي الزيت في المناطق المحتلة. خالد الجنيدي، رئيس مجلس الزيتون الفلسطيني يقول: "جلسنا مع المجلس الاسرائيلي وحددنا الحد الادنى من الاسعار، لمنع التجار الكبار من خفض السعر اكثر واستغلال الفلاحين. قررنا ان يكون الفارق بين السعر في اسرائيل والسعر في الضفة شيكل واحد لا اكثر. هذا العام حددنا سعرا ادنى للزيت البكري (virgin) ٢٢ شيكل للتر، وهو السعر الذي يوصي به مجلس الزيتون الاسرائيلي. بسبب النقص كان هناك من باع بسعر اعلى".

استهلاك الزيت في اسرائيل

الاستهلاك المحلي في اسرائيل يزداد بنسبة ٦% سنويا، وهو يبلغ اليوم ١٧ الف طن. معظم الزيت الناقص في السوق المحلي يصل من الضفة، والبقية من الاردن، اسبانيا، ايطاليا، اليونان وتركيا. وفيما بقي فرع الزيتون في الوسط العربي هامشيا، تزداد اهميته في الوسط اليهودي.

خطة خمسية لوزارة الزراعة التي من المفترض ان تنتهي في ٢٠١١، تشجع غرس آلاف الدونمات بكروم الزيتون، زراعة مكثفة وبهدف مضاعفة انتاج الزيت المحلي. جادي هوروفيتس، نائب مدير عام مجلس الزيتون، يرى انه حتى عام ٢٠١٢ سيتمكن المزارعون اليهود من انتاج ٦٠% من المحصول، في حين ستنخفض حصة العرب الى ٤٠% فقط. ويعترف هوروفتيس بان الخطة الخمسية تعطي حيزا هامشيا لتطوير الوسط العربي، ومعظم الاستثمار سيكون في القرى الزراعية والتعاونية اليهودية (موشافيم وكيبوتسات). السبب في رأيه هي انعدام مياه الري وقلة الاراضي الزراعية التابعة لملكية عربية.

عبد المجيد حسين، مهندس زراعي يربي الزيتون الاورجاني في سهل دير حنا، لا يرى مستقبلا لفرع الزيتون دون مياه للري. الاسعار العالية لصفيحة الزيت لا تفتح شهيته. كان يفضل لو ان السعر كان اكثر اعتدالا، ولكن اكثر استقرارا على المدى البعيد. حسب رأيه: "المزارعون العرب تخلوا عن هذا الفرع واهملوه".

يقول حسين: "علينا كمزارعين عرب الاستثمار بالزيتون بشكل جدي كمصدر دخل، وليس اعتباره مجرد فولكلور. علينا ان نناضل للحصول على ماء للري، وتعلم وتبني وسائل حديثة وعلمية لمعالجة الاشجار والزيت. والا فلن نستطيع البقاء. اننا بين المطرقة والسندان: من جهة صعوبات الطقس التي تزداد سوءا مع سخونة الكرة الارضية؛ ومن الجهة الثانية سوق له متطلبات وشروط عالية لزيت الزيتون الجيد".

* الكاتبة هي مديرة "سنديانة الجليل" لتسويق زيت الزيتون

مقالات اخرى للكاتب/ة هداس لهب

مبادرات محلية لانقاذ اقتصاد اريحا

اضف تعليقًا

ادخل تعقيبك هنا.
طاقم تحرير المجلة سيقوم بقراءة تعقيبك ونشره في اسرع وقت.

٦٠٠_شيكل؟#jump_to_comment>

الاسم

البريد الالكتروني

العنوان

موضوع التعقيب

تعليقك على الموضوع

Home نسخة للطباعة