نساء

تأهيل اول كادر نقابي نسائي

وفاء طيارة

ولاء ابو شارب، خريجة الدورة النقابية: "الشهادة التي قدرتني بها جمعية معًا تعني لي الكثير، وتلقي على عاتقي ان اكون مجندة ونقابية واعية من اجل المضي في الطريق الصحيح لخدمة الطبقة العاملة، وهذه هي البداية".

كان يوم العمال العالمي اليوم المثالي لتسليم شهادات التقدير لسبع عاملات زراعة أنهين بنجاح اول دورة لكوادر نقابية نظمتها جمعية معًا. حين اعتلت النساء واحدة تلو الاخرى المنصة التي نصبت في ساحة السنماتك في تل ابيب في 2/5 لاستلام الشهادة من طاقم معًا وسط تصفيق حار من جمهور العمال والعاملات والفنانين ومندوبين عن منظمات عمالية عديدة، كانت الاجواء مؤثرة جدا.

احدى الخريجات كانت هالة مسلماني، وهي عاملة منذ عشرين سنة ورئيسة فرقة عاملات، وقد عبرت عن شعورها بالقول: "انتابني شعور غريب بين فرح اذ ان هذه اول مرة يتم فيها تكريمي كعاملة بشهادة عزيزة على قلبي، ومن جهة ثانية حزن على ما ضاع من عمري في عمل غير منظم. لذلك عاهدت نفسي على ان اشارك وادعم كل احتفال ومسيرة وفعالية تدعم الطبقة العاملة، فالعامل اينما كان يعاني نفس الوجع ونفس الظروف".

خمسة اشهر جمعت بين العاملات السبع، التقين على مدارها كل اسبوعين في امسيات الخميس بعد عمل يوم شاق في الزراعة تبعته الاعمال المنزلية ورعاية الاطفال. تخرج من الدورة اول كادر نسائي من النشيطات النقابيات الواعيات لحقوقهن، والقادرات على التفاوض مع اصحاب العمل وبناء مجموعات عمالية وادارتها بنجاعة.

الارهاق لم يقف حاجزا امام رغبة هؤلاء النساء واصرارهن على التقدم والعودة لاجواء الدراسة بعد ترك مقاعدها منذ زمن بعيد، كما قالت لنا نوال عثامنة: "ما دفعني للمشاركة في هذه الدورة انها فرصة لا تعوض. عملت منذ سنين عديدة دون ان اجد مؤسسة تدعمني كعاملة، تنقلت من مكان عمل الى آخر، عانيت من استغلال المشغّلين، والمقاولون قاسمونا ارباحنا. اليوم عندما اصبحنا نعمل من خلال معًا حظينا بالعمل المنظم دون وساطة المقاول، صرنا بحاجة اكبر لاكتساب مهارات جديدة ومعلومات اضافية لنعي حقنا ونزيد من قدرتنا على الثبات في سوق العمل الذي تعمه الفوضى".

تخلل الدورة 14 لقاء شمل مواضيع متنوعة منها: اسس قوانين العمل بما فيها القوانين المتعلقة بعمل المرأة؛ علاقات العمل واسلوب التفاوض مع صاحب العمل؛ قراءة قسيمة الاجر؛ حوادث العمل؛ وسائل الوقاية؛ التقاعد؛ وضع فرع الزراعة في اسرائيل؛ سوق العمل النسائي؛ العلاقات السليمة داخل مجموعة العمال؛ دور النقابة العمالية؛ دور الحزب العمالي.

أدار الدورة محاضرون مختصون من قيادة معًا، كما استضافت كلا من المستشار الزراعي في وزارة الزراعة جمال مدلج لمحاضرة حول وضع الزراعة في اسرائيل، والمسؤول في مؤسسة الوقاية والصحة يؤاف جرشون الذي تحدث حول وسائل الوقاية في فرع الزراعة، والنقابي الاسباني المسؤول عن العلاقات الخارجية في نقابة سيجا الاسبانية، خيسوس بوان رامون، حول اهمية العمل النقابي في حياة العمال.

وكان اللقاء مع رامون من اكثر اللقاءات اثارة واهمية، فقد دخلت كلماته البسيطة "عامل دون نقابة، كالغبار يطير" الى قلوب العاملات، وسهلت عليهن اقناع زملائهن الذين يترددوا على مكاتب الجمعية باهمية بناء النقابة، رغم كونها مهمة بعيدة المدى.

دلالة على هذا الوعي الجديد نجدها في اقوال نوال عثامنة التي تقول: "في السابق كنت اقبل بالوضع في العمل كما هو حتى لو لم يعجبني. اليوم اصبحت مندوبة عن معًا في مكان عملي، انقل ما تقوم به الجمعية من فعاليات تدعم العمال واشجع على المشاركة فيها، واجند عمالا جدد للانضمام للعمل المنظم، واستطيع ان ادير المجموعة بطرق جديدة تعتمد على التشاور والشرح دون اللجوء للاوامر والضغوطات".

تفسر هالة مسلماني مشاركتها بالدورة: "لم يكن لدي ادنى شك بان هذه الدورة ستغنيني وتمنحني القدرة على ادارة المجموعة في العمل، لان العمل المنظم من قبل معًا يختلف عن طرق العمل التي اعتدنا عليها، والتي تعمها الفوضى ولا تحكمها قوانين عمل بل مصالح شخصية. اليوم استطيع ان أفخر بانني قادرة على ادارة وتنظيم مجموعة عمالية على اساس التضامن والتعاون بينها. كما اصبحت أملك القدرة على التفاوض مع صاحب العمل لنيل حقنا المشروع في العمل، واكتسبت الحجة لاقناع النساء باهمية انضمامهن للنقابة وعدم اللجوء للعمل غير المنظم، خاصة ان النساء هن الشريحة الاكثر تضررا وتعرضا للاستغلال في سوق العمل".

المواضيع التي تلقتها العاملات لم تكن جافة بل لامست واقعا تعيشه العاملات يوميا. وتميزت اللقاءات بتبادل الآراء واقتراح حلول للمشاكل التي تواجههن في العمل، سألن واستفسرن واجتهدن في دراسة وتعلم مواضيع لا بد من التمكن منها، وفي كل لقاء اكتسبن معلومات جديدة سواء من المحاضرين او من خلال الحوار بين العاملات انفسهن.

سهام علاوي احدى النقابيات الجديدات، تحدثت الينا حول استفادتها من الدورة: "بعد التحاقي بالدورة اصبحت على ثقة باني املك القدرة القيادية تجاه الاعضاء الجدد الذين يلتحقون بنقابتنا العمالية. كيف لا، وانا استطيع ان اقرأ قسيمة الاجر، اعي حقوق العمال واستطيع تعبئة المستندات المتعلقة بالعمل! اصبح جليا لي ان تحسين وضع الطبقة العاملة مرهون بمدى تضامن العمال وتنظيمهم في نقابة تحمي حقوقهم من خلال التفاوض مع اصحاب العمل، الامر الذي يلقي على عاتقنا توعية العاملات والعمال وتجنيدهم لنقابة معًا".

الدرس الاخير والختامي للدورة كان ذروة الدروس وامتحانا لما حصّلته العاملات من الدورة. في لقاء التلخيص هذا لخصت المشتركات المحاضرات والدروس بشكل مثري وجدي، واجمعن على انهن اكتسبن من الدورة القدرة التي تسمح لهن بمعالجة المشاكل في المجموعات العمالية، بناء الثقة بين اعضائها، تفادي المشاكل مع صاحب العمل وتجنيد اكبر عدد ممكن من العمال والعاملات للجمعية.

برزت جدية المشاركات في اقتراحاتهن حول اساليب النشاط لتوسيع القاعدة العمالية للجمعية، بعد انهاء الدورة. وقد اقترحت هالة مسلماني ان تأتي الفرق العمالية بانتظام للجمعية مرة في الشهر للتشاور حول ما يحدث في المجموعات العمالية، والمساعدة في تجنيد عمال وعاملات لاماكن العمل التي تقوم الجمعية بفتحها. من ناحيتها، اقترحت كريمة يحيى ان تشارك النقابيات الجديدات في زيارات للعاملات غير المنظمات وتشجيعهن على وضع حد لاستغلالهن حتى ينعمن بالعمل المنظم ويشاركن في الانضمام للجمعية. وتم اتفاق على هذه الاقتراحات.

لخصت ولاء ابو شارب، اصغر المشتركات سنا، استنتاجاتها من الدورة بالقول: "لم اكن اعي قبل التحاقي بالدورة موضوع النقابة والنقابيين، اما اليوم فلم أعد اسلّم بوضع الطبقة العاملة المأساوي كما لو كان قدرنا. هناك امكانية لتحسين ظروف العمال، وهذا مرهون بمدى وعيهم لاهمية تأطرهم داخل نقابة تحميهم، ومحافظتهم على اشتراكهم ودفع الرسوم ليكون للنقابة الحق والقوة لتمثيلهم والتفاوض مع المشغلين من اجلهم".

وقالت ابو شارب انها كانت تخجل من القول لصديقاتها بانها تعمل في تغليف الخس، وكانت تقارن بين عملها الشاق وبين عمل صديقاتها في السهل في دكان مكيف. لكن اليوم تعرف ان معاشها هو اعلى من معاش الفتيات اللواتي يعملن كبائعات وتفتخر بعملها لانها تتقاضى حقوقها الكاملة حسب القانون. تقول ولاء: "الدورة منحتني الثقة والقوة بانني استطيع ارشاد غيري من العاملات الى الطريق الصحيح لتحصيل حقوقهن. نقلت كل موضوع تعلمته لعائلتي وللمجموعة في العمل، نصحت صديقاتي بترك العمل غير المنظم والالتحاق بمعًا، افخر باني عاملة زراعة من الطراز الحديث، اي عاملة مع كامل الحقوق وليس كما اعتدنا العمل مع المقاولين".

على ضوء النجاح الكبير لتجربة التأهيل النقابي في كفر قرع، قررت جمعية معًا المباشرة بنفس الدورة لعاملات الزراعة المهتمات بالامر في باقة الغربية وكفر مندا بعد شهر رمضان المقبل.

اضف تعليقًا

ادخل تعقيبك هنا.
طاقم تحرير المجلة سيقوم بقراءة تعقيبك ونشره في اسرع وقت.

الاسم

البريد الالكتروني

العنوان

موضوع التعقيب

تعليقك على الموضوع

Home نسخة للطباعة