كلمات للبحث

حقوق الانسان, قانون

شؤون اسرائيلية

ما وراء ازمة محكمة العدل العليا

ميخال شفارتس

النقاش بين الرئيس السابق للمحكمة العليا هارون براك وبين وزير القضاء دانيال فريدمان هو سياسي في جوهره. فريدمان يدعي ان الكنيست هي من يقرر طبيعة المجتمع الاسرائيلي، بينما يدعي براك ان الكنيست فاسدة وغير مسؤولة. الخلافات المبدئية التي تشق المجتمع الاسرائيلي لن تُحسَم في القضاء مهما كان عاليا، بل في العمل السياسي والميداني. وطالما لا يحدث ذلك، فمن الوارد ان تضطر محكمة العدل العليا للتنازل عن رؤية براك الليبرالية وملاءمة نفسها للواقع الشنيع.

تراشق الاتهامات بين الحكومة وبين المحكمة العليا في السنتين الاخيريتين بلغ ذروة جديدة في الاسابيع الاخيرة. الخلافات بين الخصمين اللدودين، وزير القضاء الجديد، دانيال فريدمان، وبين اهارون براك، الرئيس السابق للمحكمة العليا، تفجرت في وسائل الاعلام في سلسلة مقابلات ومقالات هجومية متبادلة. الجهاز القضائي الذي تجنب حتى الآن المواجهة الاعلامية، شمّر عن ساعديه للعراك وكشف عن انشقاق عميق يمزق المؤسسة القضائية والسياسية بالنسبة لطبيعة وشكل الدولة المستقبلي بعد 60 عاما من قيامها.

يدور الصراع على النفوذ والقوة بين مجموعتين تابعتين للنخبة الاسرائيلية الصهيونية، الاولى مؤسسة القضاء العالي الذي انتزع لنفسه صلاحيات واسعة خلال 11 عاما من تولي براك رئاسته، والثانية المؤسسة السياسية التي تحاول الغاء صلاحيات القضاء. ويكشف النقاش عن رؤيتين متناقضتين: الليبرالية مقابل الرؤية المحافظة الجديدة.

البروفسور للعلوم السياسية زئيف شترنهل وصف هذا الصراع، بالقول ان هدف فريدمان "هو تحرير السلطة من الرقابة الناجعة، وتقزيم الاساس المركزي للديمقراطية الليبرالية اي المراقبة والتوازن بين السلطات وتقسيم النفوذ السياسي فيما بينها... الليبرالي يحاول لجم السلطة الحاكمة، والمحافظ الجديد يسجد للقوة". (هآرتس، 30 آب 2007)

خارج هذا النقاش تقف الاغلبية الساحقة من مواطني الدولة العرب الفلسطينيين. من ناحيتهم مؤسسات الدولة كانت ولا تزال تضطهدهم وتقمعهم، ولا ثقة كبيرة لهم بالجهاز القضائي الاسرائيلي. اما بالنسبة للفلسطينيين مواطني المناطق المحتلة عام 1967، فانهم يرون ان وظيفة محكمة العدل العليا انما هي تجميل شكل الاحتلال، لذا فالنقاش الحالي لا يمت اليهم بصلة.

تراث براك الليبرالي

الديمقراطية الحقوقية التي يدعمها اهارون براك والمتبعة في اوروبا، لا تضمن فقط حق الاغلبية بالحكم، بل تحمي ايضا حقوق الاقلية من طغيان الاغلبية. حسب هذه النظرية يتمتع القضاء الاسرائيلي بصلاحية الغاء قوانين وقرارات حكومية اذا ناقضت مبادئ وحقوقا اساسية، كما ان "كل شيء يصبح خاضعا للمحاكمة"، على حد تعبير براك. بالمقابل، الكنيست والحكومة تحنّان للديمقراطية القديمة التي تسمح للاغلبية بفرض رغبتها على الاقلية.

عادة تقوم الدول بإدراج مبادئها الاساسية ضمن دستور. ولكن في اسرائيل ليس هناك دستور بسبب انعدام التوافق على امور اساسية، مثل تعريف حدود الدولة وحل القضية الفلسطينية، العلاقة بين الدين والدولة والفجوات بين الاغنياء والفقراء. ومع هذا يتبين ان براك تمكن من ان يحدد لاسرائيل نوعا من الدستور حتى لو كان جزئيا، مشوّها وغير ثابت.

حول هذا الموضوع قال "للصبّار" الدكتور ايلان سابان، المحاضر في القضاء الحقوقي في قسم الحقوق في جامعة حيفا: "في عام 1992 سنّت الكنيست قانونين اساسيين: "قانون اساسي: كرامة الانسان وحريته"، و"قانون اساسي: حرية العمل"، أُرفقا بالقوانين الاساسية السابقة التي سنّتها الكنيست. ولكن خلافا لتشريعات السبعينات، منحت المحكمة العليا قانوني الاساس الجديدين مكانة خاصة، تقيد امكانية الكنيست المس بالحقوق التي ينصّان عليها. علما ان الكنيست لها صلاحية تقييد التشريع العادي بواسطة قواعد عامة حقوقية".

كما فسر براك مصطلح "كرامة الانسان" بشكل واسع جدا، وشمل فيه حقوقا متنوعة لم تكن مشمولة بشكل صريح في القانون الاساسي، مثل حرية تكوين الاسرة والحق بالمساواة اي منع التمييز على اساس الانتماء لمجموعات معينة. هذا هو ملخص الثورة الحقوقية التي قادها براك.

هل كانت الكنيست على وعي بالثورة الحقوقية التي قادها براك؟ يقول سابان انه "كانت هناك موافقة ضبابية من الكنيست، وكل شخص فسر الموافقة كما شاء. القضاء من جانبه فهم الامر كنوع من القبول بوجود قيم قانونية عليا، ومنح القضاء العالي نفوذا لفحص مدى ملاءمة القوانين لقوانين الاساس. لذلك، يمكن القول ان هناك دستورا قائما بالفعل، على شكل قيم قانونية عليا مع انها غير ثابتة".

يضيف سابان: "لا نتحدث عن دستور ملزم، لان المجتمع الاسرائيلي المنشق على نفسه لا يستطيع الوصول لتوافق واسع ولا حتى لاغلبية على دستور معين، ولذلك ليس لاسرائيل دستور. مع هذا فالقضاء العالي قرر ان لدينا دستورا، ويبدو ان هذا هو سبب سخط المؤسسة السياسية عليه. فالكنيست تدعي ان القضاء قرر الدستور دون علمها. فريدمان يحاول ان يمنع هذا الامر، من خلال تصحيح تشريعي يعطي الحصانة القانونية لجميع القوانين التي لا تفي بالمعايير القانونية المنصوص عليها في قوانين الاساس".

ويرى فرديمان في اجراءات براك "انقلابا" وليس "ثورة"، لصحيفة يديعوت احرونوت قال مؤخرا: "القضاء العالي لا يمكنه ان يسن دستورا، وهناك حدود للقوة التي منحها لنفسه." (10 نيسان). حتى في صفوف الحقوقيين هناك من يتفق مع فريدمان. من هؤلاء البروفيسور في القانون الدستوري روت جابيزون التي ادعت: "ان القضاة في اسرائيل يُعيّنون حسب قدراتهم المهنية كحقوقيين. لا شيء في تأهيلهم يمنحهم الحق او الصلاحية او القدرة على ان يحددوا المبادئ الاخلاقية وان يكونوا مرشدي الامة... كون الجهاز القضائي مرجعية اخلاقية عليا لا يعني بالضرورة انه افضل من الحاخام عوفاديا يوسيف" (هآرتس، تشرين ثان 1999).

احكام براك التي شكلت سابقة قانونية اثارت الجدل بالنسبة لصلاحية محكمة العدل العليا. من ذلك مثلا، حكمه في موضوع قانون المواطنة الذي اعترف بحق مواطني اسرائيل العرب في الزواج من مواطني المناطق المحتلة والسكن معهم في اسرائيل. وكان موقف براك في الاقلية في هذه القضية، وأُبطل قراره بفارق صوت واحد. هذا الحكم يثير في اسرائيل مخاوف عميقة من القضية الديمغرافية واحتمال ان يغلب عدد العرب عدد اليهود.

من الاحكام القضائية الاخرى المهمة التي اصدرها براك، نحصي على سبيل المثال منع التعذيب اثناء التحقيق (1995)؛ الحكم لصالح عادل قعدان في السكن بالبلدة اليهودية كتسير (1995)؛ تصحيح في القانون على نحو يمنح مصابي الانتفاضة حق مطالبة الدولة بتعويضات (1996)؛ قراره السماح لحزب التجمع بالمشاركة في الانتخابات عام 2003.

الليبرالية مقابل الاحتلال

يوصَف براك بانه حامي التوجه للتدخل القضائي في قرارات السلطة التنفيذية (Judicial Activism). في مقابلة اجرتها معه صحيفة "هآرتس" في 11 نيسان الماضي قال براك: "كل شؤون الضفة وغزة قابلة للمحاكمة. الشؤون العسكرية في المناطق المحتلة قابلة للمحاكمة. قطع الكهرباء عن غزة، خاضع للقضاء. لماذا؟ لان هناك قضاء دوليا. اذا لم يخضع قطع الكهرباء عن غزة للقضاء عندنا، فسيخضع للقضاء في المحكمة الدولية في مدينة لهاي حيث يعتبر الامر مخالفة جنائية... كذلك الامر بالنسبة للمستوطنات... المحكمة لا تقرر بشأن اسلوب ادارة الحروب، ولكن اذا تضرر مدنيون فمن صلاحيته ان يقرر اذا كان استخدام السلاح قد تم حسب معايير القانون الدولي الذي يلزم اسرائيل...".

واضاف براك: "اننا نعيش مع ارهاب متواصل وتهديد متواصل في وضع قضائي معقد في المناطق المحتلة. لذلك شكلنا بنية تحتية فكرية تسمح لنا بمستوى معين من تطبيق حقوق الانسان لامد بعيد حتى في ظل اوضاع الازمة". بكلمات اخرى، يقول براك، بدل ان تقوم المحكمة الدولية بلهاي بدورها، من الافضل ان يقوم القضاء المحلي بذلك.

المشكلة ان "البنية التحتية الفكرية التي تسمح بمستوى معين من تطبيق حقوق الانسان" لا تمنع في الواقع الاغتيالات، هدم البيوت، الاستيلاء على الاراضي، قلع اشجار الزيتون، بناء المستوطنات، تعبيد شوارع لليهود فقط، منع لقاءات المعتقلين مع محاميهم، التعذيب، الحصار على غزة، اقامة الجدار الفاصل، قتل الاولاد وهم يتناولون الفطور. تقول للصبّار حانا فريدمان التي شغلت في الماضي القريب منصب رئاسة اللجنة الشعبية ضد التعذيب في اسرائيل: "رغم اقوال براك الليبرالية، الا ان محكمة العدل العليا تثق اكثر من اللزوم بادعاءات المخابرات".

عن القانون ضد التعذيب من عام 1999 الذي يعتبر احد اهم احكام براك في محكمة العدل العليا، تقول فريدمان: "كان ذلك انجازا كبيرا، مع ان المحكمة تركت ثغرة تمكّن محقق المخابرات من اللجوء لوسائل التعذيب الممنوعة في حالات "القنبلة الموقوتة". ويحق للمستشار القضائي للحكومة ان يقدم المحقق للمحاكمة لاحقا، الامر الذي لم يحدث ابدا". تقول فريدمان انه في فترة رئاسة عامي ايالون لجهاز المخابرات (قبل قرار المحكمة) استُعملت وسائل تعذيب شديدة جدا، وطرأ تحسن معين بعد القرار. ولكن في عام 2000 مع اندلاع الانتفاضة الثانية، عادت الامور لسابق عهدها".

هداس زيف، المديرة العامة لجمعية "اطباء لحقوق الانسان"، ترى ان إضفاء صبغة التدخل القضائي في قرارات السلطة التنفيذية على المحكمة العليا هي مجاملة لا اساس حقيقي لها: "نطلب احيانا كثيرة ان ينقلوا مريضا من المناطق المحتلة للعلاج في اسرائيل، والى ان تجلس المحكمة لبحث القضية، يكون المريض قد توفي، لان محكمة العدل العليا تعطي اهمية كبيرة للاعتبارات الامنية. عمليا محكمة العدل العليا هي مجرد ورقة التوت التي تغطي عورة الاحتلال. في اسرائيل نفسها، القرى العربية غير المعترف بها لا تزال مقطوعة عن الكهرباء".

المحامي حسن جبارين، مدير مؤسسة "عدالة" المركز القانوني لحقوق الاقلية العربية في اسرائيل: "كنت اتمنى لو ان القيم التي يتحدث عنها براك، تطبق في احكامه وليس فقط في خطابه. صحيح ان براك هو الاول في تاريخ المحكمة العليا الذي قبل التماسات لمواطنين عرب بشأن المساواة. ولكن حتى اليوم ليس هناك موقف قضائي واضح بشأن حقوق العرب في اسرائيل، وليس واضحا في القانون او في الاحكام القضائية ما هو تعريف التمييز العنصري ضد العرب. في الولايات المتحدة اتُّخذ حكم قضائي ثوري في الخمسينات تم حسبه إبطال الفصل بين مدارس السود والبيض. براك لم يصدر حكما ثوريا كهذا".

بين الاحكام السيئة التي اقرها براك، يشير جبارين الى اقراره القبول بان الخدمة العسكرية هي معيار للحصول على امتيازات، بالاضافة الى امتيازات حسب قانون الجنود المحررين. "براك لم يكن ثابتا على مواقفه"، يقول جبارين، "احكامه الجيدة كانت الاستثناء لا القاعدة". مع ذلك، يقول جبارين ان الوضع ساء كثيرا منذ تولي فريدمان وزارة القضاء. وكمثال على ذلك يسوق موضوع قطع الكهرباء والوقود عن غزة، الذي يعتبر قرارا سيئا ومنافيا للقانون الدولي. المحكمة اليوم لا تجرؤ ان تقدم على اية خطوة دعم وحسن نية، ولو اجرائية، لحماية حقوق الفلسطينيين".

السياسة خلف الازمة

لا يهدف هذا المقال للخوض في شرح الوسائل البيروقراطية والقانونية التي يلجأ لها الوزير فريدمان، لتحديد قوة المحكمة العليا في مواجهة الكنيست والحكومة. ولكن نذكر ان تعيين فريدمان لم يكن سوى مرحلة في صراع رئيس الوزراء، ايهود اولمرت، من اجل لجم المحكمة العليا. منذ ايار 2006، عين اولمرت حاييم رامون لرئاسة وزارة القضاء ليقوم باصلاح جذري في المحكمة العليا ويحاول منع تعيين دوريت بينش، تلميذة وربيبة اهارون براك كرئيسة للعليا بعد انتهاء ولاية استاذها. ولكن بعد ادانة رامون في قضية القبلة الشهيرة، اضطر للاستقالة من منصبه في آب 2006، بعد ان اتهم الجهاز القضائي بانه تشدد في الحكم عليه بشكل غير منطقي بسبب برنامجه الاصلاحي الذي كان مرفوضا على الجهاز.

غير ان اولمرت لم يتنازل عن برنامجه، وبعد فترة انتقالية وجيزة شغل فيها مئير شطريت منصب وزير القضاء، وصلت فيه دوريت بينش الى رئاسة العليا، عيّن اولمرت دانيال فريدمان من المؤسسة الاكاديمية، لرئاسة الوزارة في 6 شباط (فبراير) العام الماضي.

يكمن مصدر قوة فريدمان في حقيقة ان براك يعتبر في نظر الجمهور الاسرائيلي يساريا داعما لميرتس والعرب. يدعي فريدمان ان في هذا يتلخص ذنب براك: وزير القضاء لا يستطيع ان يُخرج المحكمة العليا من الخلافات السياسية التي ادخل نفسه اليها عندما اخضع كل شيء للمحاكمة." (يديعوت احرونوت، 10 نيسان 2008). لا شك ان فريدمان يعبر عن رغبة اعضاء الكنيست والحكومة والمؤسسة الاقتصادية النيو ليبرالية في التخلص من رقابة القضاء العالي.

السؤال هو لماذا تحول جهاز القضاء العالي من مدعاة لفخر المؤسسة الاسرائيلية، وكونه مؤسسة تحظى بتقدير عال في الخارج، الى جسم معزول ومكروه؟ يكمن الجواب في التحول اليميني الذي يمر بالمجتمع الاسرائيلي، واتساع التصدعات العميقة التي تميزه، بين عرب ويهود، بين علمانيين ومتدينين، بين اغنياء وفقراء.

قبل 11 عاما عندما وصل براك لرئاسة المحكمة العليا، كانت عملية السلام في اوجها، وساد الوهم الذي خلقته اتفاقات اوسلو بان الحل للصراع الاسرائيلي-الفلسطيني على وشك ان يُحَل، وان المساواة ستعطى لمواطني اسرائيل العرب، وبدا كأن اسرائيل تنوي التخلص من الاحتلال والتحول الى دولة طبيعية. على هذه الخلفية سعت المحكمة العليا للدفاع عن حقوق الاقلية ووضع الاساس الحقوقي الليبرالي الذي حظي باعتراف ودعم المؤسسة السياسية والرأي العام الاسرائيلي. رؤية براك بان "اسرائيل هي دولة الشعب اليهودي ولكن عليها ايضا ان تكون دولة كل مواطنيها"، (هآرتس 11 نيسان) كانت حينها رؤية مقبولة.

ولكن الاحداث الخطيرة التي اعقبت رفض اسرائيل الانسحاب من المناطق المحتلة وتفكيك المستوطنات: اندلاع انتفاضة 2000، انهيار عملية اوسلو، فشل الانفصال الاحادي الجانب عن غزة وصعود حماس، كل هذه فجرت وهم السلام والتعايش، وانتقل الرأي العام الاسرائيلي شيئا فشيئا الى اتخاذ موقف معادٍ للعرب. الكنيست تتجه نحو اليمين، وصوت احزاب اليمين والمتدينين هو الصوت الغالب. هكذا وجد اهارون براك نفسه خارج الاجماع. كما قال المحاضر في الحقوق سابان للصبّار: "من يدافع عن حقوق الانسان اليوم يعتبر يساريا".

اهارون براك يخشى من هجوم فريدمان الشعبوي، لانه خلافا لسنوات التسعينات، عندما هوجمت المحكمة العليا من جانب احزاب المتدينين، فهو هذه المرة يهاجَم من قبل وزير القضاء نفسه الذي يتمتع بصلاحية المبادرة للتشريع وتطبيقه. يقول براك في مقابلته المذكورة مع هآرتس: "الكنيست تتبنى اجواء الكراهية ضد المحكمة العليا. هناك خطر ان يتم تحويل الحرب ضد المحكمة العليا الى رمز ومبدأ".

النقاش بين براك وفريدمان هو نقاش سياسي بجوهره. فريدمان يدعي ان للكنيست الصلاحية في القرار بشأن طبيعة المجتمع الاسرائيلي، بينما يدعي براك ان اعضاء الكنيست فاسدون، بدءا بمركز الليكود مرورا بحزب شاس وانتهاء بليبرمان والطغمة المالية وجايدماك واعضاء حزب المتقاعدين السبعة. اذا اضفنا لهؤلاء اليمين المتطرف الذي يمثل المستوطنين نحصل على كنيست غير مسؤولة.

براك يؤمن انه لا بد من انقاذ الكنيست من نفسها من خلال اخضاعها لدستور متنور ليبرالي حتى لو لم يحظ باجماع. ولكن هذه المحاولة مصيرها الفشل. الخلافات المبدئية التي تشق المجتمع الاسرائيلي لن تُحسَم في القضاء مهما كان عاليا، بل تحسم في العمل السياسي وفي الشارع. وطالما لا يحدث ذلك، فمن الوارد ان تضطر محكمة العدل العليا للتنازل عن رؤية براك الليبرالية وملاءمة نفسها للواقع الشنيع.

اضف تعليقًا

ادخل تعقيبك هنا.
طاقم تحرير المجلة سيقوم بقراءة تعقيبك ونشره في اسرع وقت.

الاسم

البريد الالكتروني

العنوان

موضوع التعقيب

تعليقك على الموضوع

Home نسخة للطباعة