كلمات للبحث
عاملات الزراعة يطالبن بالعمل في مسيرة بتل ابيب
تعالت الهتافات في الثامن من آذار، يوم المرأة العالمي، لتملأ شوارع تل ابيب الناعسة، في مسيرة حماسية قادتها نساء منظمات في جمعية معًا النقابية. "لا للبطالة لا للفقر"، "لا لسلب اماكن العمل نعم للعمل الكريم"، "كفى استهتارا وتمييزا ضد النساء"، "اوقفوا استيراد العمال الاجانب"، "نعم لحقنا بالعمل واعالة اطفالنا باحترام". كانت جزءا من الهتافات التي جمعت في حدث فريد من نوعه نساء ورجالا، عربا ويهودا، بهدف اعادة الامل للطبقة العاملة ورفض الخنوع لسياسة التمييز العنصري.
نجاح جزماوي، عاملة زراعة من عرعرة، منظمة في معًا فسّرت مشاركتها في المسيرة بالقول: "انا محتاجة لكل يوم عمل، بل لكل ساعة، لانني في ضائقة مادية، مع هذا فضلت التنازل عن يوم عمل والمشاركة في المسيرة، على امل ان يُسمع صوتنا لفتح اماكن العمل امام النساء العربيات، لصديقاتي وجاراتي ولنفسي. فعملي اليوم ليس مضمونا، وقد اذهب يوما للعمل وأُفاجأ بان المشغل فضل طردي وتشغيل عمال اجانب ارخص مني دون ان استطيع منافستهم على الاجر".
"افتحوا اماكن العمل امام النساء العربيات"، شعار كُتب على لافتة عريضة حملتها النساء المتراصات في مقدمة المسيرة على صدورهن، وكانها الدرع الحامي لكل النساء. ٢٠٠ امرأة عربية يعملن في الزراعة واخريات ينتظرن فرصة عمل، اتحدن لرفض سياسة التهميش والفقر والبطالة.
ولم يكن مجيء عاملات الزراعة الى تل ابيب امرا مفروغا منه بعد يومين من العملية في القدس، كما فسرت بصراحة ناهدة زياد، عاملة زراعة من كفر مندا: "خفت المشاركة في ظل العملية في القدس والاوضاع المتوترة، وخصوصا ان المسيرة في تل ابيب. الا ان مطلبي كان اكبر من الخوف الذي في داخلي. انا وفرقتي عانينا من قلة فرص العمل، وتنقلنا من مزارع الى آخر، ونخاف الاستغناء عنا في كل يوم واستبدالنا بعمال اجانب تكلفتهم اقل منا. كلي امل ان نؤثر على الرأي العام كي يتضامن معنا ويساعدنا في تحقيق مطالبنا".
اتين من الناصرة والجليل وقرى المثلث وجمهور كبير من النساء العربيات واليهوديات من فنانات، معلمات، ونشيطات نسويات يتفقن مع موقف معا الذي يرى ان مساواة المرأة مرهونة باستقلاليتها الاقتصادية وضمان حقها بالعمل. تضامن مع النساء في يومهن مئة شاب وشابة من اتحاد الشبييبة العمالية لجمعية معًا، من كفر مندا وكفر قرع، وجدوا في الجمعية اطارا يضمن لهم مستقبلهم وحقوقهم.
جائدة زعبي، موجّهة نسائية لعاملات الزراعة في كفر مندا، قالت حول مشاركتها في المسيرة، انها تشارك كل سنة في يوم المرأة مع اطر مختلفة، اما هذة السنة ففضلت المشاركة مع معًا: "جئت لادعم النساء اللواتي اقوم بتوجيههن وتمكينهن، واساند مطلبهن الشجاع والهام في حقهن بالعمل. انعقاد المسيرة في تل ابيب امر مهم لان جمعية معًا مفتوحة للجميع دون تفرقة، ومهم ان تحظى النساء العربيات بالدعم والاهتمام، ليرى الطرف الآخر مشكلة قلة فرص العمل التي تعاني منها النساء العربيات".
المرشدة في حركة "اتحاد الشبيبة العمالية" في كفر مندا فضية نصار، قالت: "ان الدافع وراء مشاركتي هو وضع المرأة في قرانا العربية، فهي مقموعة مرتين. الاولى، من خلال عدم حصولها على شهادة تقدرها من العمل، والثانية قلة اماكن العمل حتى البسيطة. حتى النساء اللواتي يحملن شهادات اكاديمية يعانين قلة فرص العمل، جمعينا في نفس المأزق. عمل المرأة يفتح عالما كاملا لها ولاسرتها".
تقدمت المسيرة حتى وصلت الى منصة نُصبت في الشارع، واعتلتها اولا باول مندوبات عن منظمات نسائية اتين للمشاركة وأجمعن على دعم العاملات العربيات في مطالبهن. تولت العرافة ميخال شفارتس، مسؤولة منتدى معًا النسائي، اطار الحركة النسائية التي تنظمه جمعية معًا. وقالت شفارتس انه في يوم المرأة ما زالت نساء في اسرائيل، وفي مقدمتهن النساء العربيات، يناضلن من اجل الامر الاساسي، من اجل لقمة العيش الكريمة.
باسم عاملات الزراعة تحدثت كاتبة هذه السطور، عاملة زراعة سابقا ونقابية في جمعية معًا بكفر قرع. ورحبت بالجمعيات النسائية العربية واليهودية التي التفت حول جمعية معًا في هذا اليوم، وقالت: "جئنا اليوم لنمد يدنا لكل النساء العربيات واليهوديات، لنتحد ونتحدى البطالة والفقر. فهذا ليس قدر النساء بل سياسة ضحيتها عشرات الآلاف من عاملات المقاول وشركات القوى البشرية... النتيجة ان النساء اللواتي يتعرضن للاستغلال في العمل، لا يختلفن كثيرا عن وضع العاطلات عن العمل، اذ ان النتيجة هي واحدة وهي تكريس الفقر". كما دعت المتحدثة النساء للانضمام الى الحركة النسائية المنظمة التي تقودها جمعية معا لمحاربة سياسة الظلم والتمييز ضد النساء.
الكلمة السياسية كانت للمسؤولة النقابية في جمعية معا، اسماء اغبارية-زحالقة، والتي اعلن من على المنصة عن ترشيحها لرئاسة بلدية تل ابيب في الانتخابات القادمة في شهر تشرين ثان (نوفمبر) المقبل. تطرقت اغبارية-زحالقة للوضع السياسي وقالت:
"انها ايام عصيبة، ولا نستطيع الوقوف لا مبالين، لا تجاه الدم المسفوك في غزة، ولا في القدس ولا في اي مكان آخر... العبث ان الكل يفهم ان الحل هو باقامة دولة فلسطينية ذات سيادة في المناطق المحتلة تعيش بسلام الى جوار اسرائيل. ولكن اولمرت، عباس وحماس مشغولين باستغلال صور الدماء في التنافس على الرأي العام العالمي والحفاظ على السلطة. ولكني اقول، لنتوقف لحظة ونسأل انفسنا، لماذا علينا القبول بقوانين اللعبة التي وضعها هؤلاء؟ لسنا مجبورين ان نخضع لهذه الاجندات المدمرة. واجبنا ان نبني من جديد الاجندة البديلة الخاصة بنا، التي تحمي حياتنا وكرامتنا، عربا ويهودا.
"لذلك جئنا الى هنا اليوم، لكي نبني. لنحارب على العمل، على مصدر الحياة، على الحق الاساسي للانسان بالانتاج والعطاء لاجل المجتمع. لذلك جاءت الى تل ابيب نساء عربيات من الجليل والمثلث، للمطالبة الحكومة بفتح اماكن العمل امامهن وإخراج المجتمع العربي من دائرة الفقر لنثبت حقنا في العيش في القرن ال٢١".
الدكتورة ارئيلا شادمي، مديرة قسم العلوم النسائية في كلية بيت بيرل، تحدثت على المنصة وقالت: "انتن، عاملات معًا، تجدّدن نضال العاملات الذي بدأ في مثل هذا اليوم، الثامن من آذار، قبل ١٥١ سنة بالضبط في نيويورك. انتن اللواتي كانت لكنّ القوة لاحداث التغيير الجذري في مسيرة حياتكن، قادرات على قيادة معسكر جديد من النساء اللواتي لا يزلن يعانين الضعف والقمع. انتن اللواتي اثبتن شجاعتكن بالخروج ضد التقاليد وتاريخ من الاضطهاد، قادرات على جذب عاملات المقاولين، المعلمات وموظفات القطاع العام.... انتن قادرات على رسم تضامن جديد بين نساء لا يعترفن بالحواجز التي اقيمت حولهن. انتن اللواتي تُظهرن قوة جديدة وترسمن امكانيات جديدة لكسر الاسوار التي تطوقنا".
الشاعرة يوديت شاحر قرأت قصيدة بالعبرية بعنوان "هذه انا تتكلم"، وهي تحكي هموم موظفة المبيعات والاستغلال الذي تواجهه في مكان العمل.
كما تحدثت كل من: نوريت حجاج من "القوس الديمقراطي الشرقي"، وشيفي كورزن من "مركز الدفاع عن العمال الاجانب"، وارنا مري-ايش من "امرأة لامرأة"، ويانا زيفربلاط من "تحالف نساء للسلام"، واستير عيلام من مؤسِّسات الحركة النسوية في اسرائيل ومن مؤسسات "اختي – من اجل النساء في اسرائيل".
الى جانب المسيرة عُرضت لوحات فنية ضمن معرضة "خبز وورود" بمشاركة ٢٠٠ فنان عربي ويهودي، ويهدف المعرض الى بيع اللوحات ليرصد ريعها لتمويل مشروع عاملات الزراعة لمعًا. وقد بثت القناة الاولى للتلفزيون الاسرائيلي تقريرا مفصلا عن المسيرة في نشرة الاخبار الليلية، كما نشرت صحيفة "هآرتس" تقريرا حول مطلب عاملات الزراعة في يوم سابق.
لا شك ان هذه المسيرة التي تنظمها جمعية معًا النقابية مع منتدى معًا النسائي في تل ابيب، للسنة الثانية على التوالي، هي تجديد لتقليد نسائي عريق، وهي تدعو عشرات آلاف النساء والرجال من منظمات عمالية ونسائية للانضمام للمسيرة الطويلة من اجل التأثير على مركز صنع القرار واحداث تغيير في السياسة الاقتصادية الرأسمالية والعنصرية بحق العمال العرب في البلاد.
اضف تعليقًا
ادخل تعقيبك هنا.
طاقم تحرير المجلة سيقوم بقراءة تعقيبك ونشره في اسرع وقت.